
لم أجد شخصاً يحب وطنه ومسقط رأسه تحديدا, كما يفعل رائد الفتنة الإعلامية \"فيصل القاسم\"!, الذي أعلن بتواضع و سمو قلَّ نظيرهما, بأنه يفضل أن يتم إطلاق اسم أحد \"شهداء الثورة\" على مطار \"الثعلة\", أثناء الهجوم عليه من قبل ثوار النصرة وبقية الفصائل الديمقراطية, والذي (في حال سقوطه) سيجعل السويداء, على تماس مباشر مع الديمقراطيين, الذين كانوا قد أنهوا في يومهم السابق, عملية ديمقراطية نوعية في قرية \"قلب لوزة\" في ريف ادلب. العملية استدعت تغريدة شديدة اللهجة من القاسم بأنه \" من الخطأ الاعتداء على الحريات بحجة تطبيق تعاليم وقوانين دينية!\", وبعد أيام قليلة يكشف في مقال له بأننا: \"نشهد نسخة معدلة من الثورة العربية الكبرى تحت يافطة «الربيع العربي»\", مؤكدا بأنه يجب قبول هذا الربيع حتى لو تمّ \"استغلاله لأهداف الخاصة\"!!.
من المؤكد بأن هذا الكلام ينال موافقة تامة من شريكه في حملة \"تحرير\" السويداء, \"وليد جنبلاط\". ربما لا !!. فمن العبث محاولة تحديد رأي واضح له في أي مسألة. فهو الإقطاعي الذي يتزعم حزبا \"إشتراكياً\"، الذي تمنى يوما أن يكون زبالا في نيويورك وحينها علق صديقه العزيز \"ساترفيلد\" بأنه سيرسل له لباس زبال في نيويورك وتأشيرة دخول. وهو يتمنى اليوم حسب صحيفة الأخبار, عودة الانتداب الفرنسي إلى لبنان!.
لم يكتفِ جنبلاط بالتطمينات التي اعطتها تركيا له بعدم التعرض للموحدين في ريف إدلب \"المحررة\"، رغم عدم الوفاء بها من قبل جبهة النصرة في \"قلب لوزة\" ، لكنها مجرد حادثة فردية سينال مرتكبها عقابه الشرعي المناسب. ولزيادة في التطمين, زار على وجه السرعة الأردن التي قدمت له تطمينات مماثلة بحماية السويداء في حال إقدام ثوار الديمقراطية على مهاجمتها!!. علما بأن هذه الجماعات التكفيرية تتحرك حسب أوامر غرفة العمليات في الأردن الشقيق!!. فماذا تريدون أكثر من هذه التطمينات والضمانات!؟
وفي هذا السياق ظهرت حركة \"سنديان\". حركة مجهولة النسب, لكن بيانها التاسيسي يكشف بشكل واضح عن الأب الروحي لها. تبدأ بيانها بحرص بالغ على ابناء جبل العرب الذين عليهم التفكير بمستقبلهم, وعدم انجرارهم إلى الانتحار ، إذا ماذا علينا أن نفعل!؟ الحل هو الفصل بين المناطق السورية على أساس الهوية الضيقة ( الهوية الطائفية). طبعا لم تنس \"سنديان\" أن تؤكد على وجود دعم واعتراف مطلق من القوى الدولية. هذا تطمين إضافي من \"سنديان\"!!
ما يقلق الشريكان ( القاسم – جنبلاط), ويجعلهما في حالة توتر شديد, هو تجاهل السويداء للنصائح, وعدم اكتراثها بالتطمينات, فلما كل هذا الجحود يا سويداء ؟!!
في الرابع عشر من تموز 1920, وبينما كان الفرنسيون يحتفلون بعيدهم الوطني, كان جنرالهم \"غورو\" يوجه إنذارا إلى الملك فيصل بن الحسين يطلب فيه : قبول الانتداب الفرنسي، وتسريح الجيش السوري. وافق الملك على الإنذار لكنه \"فوجئ\" بالقوات الفرنسية تزحف نحو دمشق معلنة بأنه تأخر نصف ساعة عن الوقت الممنوح له!. وبينما كان وزير الدفاع السوري \"يوسف العظمة\" يتقدم الجيش و المتطوعين من أهالي دمشق, ويشتبك مع العدو الفرنسي في ميسلون في معركة غير متكافئة عددا وتسليحا. كان الملك فيصل قد وصل درعا ! ومنها إلى أحضان الإمبراطورية البريطانية التي مسحت دمعه, وعينته ملكا على العراق , وعينت أخيه عبد الله أميرا على شرق الأردن. إذا الثورة العربية الكبرى التي انطلقت بعد تطمينات الامبراطورية البريطانية , حققت أحلام الشعب العربي باستبدال \"رجل مريض\" ب \"سايكس – بيكو\" و \"وعد بلفور\" ,و أمير على منطقة حكم ذاتي (شرق الأردن) وتعيين ملك في العراق.
الآن وبعد مائة عام على ثورة \" تمّ استغلالها لأهداف خاصة\", نجد من يدعو مجددا للسير خلف ثورة تكفيرية كبرى تعلن بوضوح شديد أنه يتم \"استغلالها لأهداف أمريكية صهيونية خاصة!!\".
السويداء هي الثورة السورية الكبرى التي رفض قائدها \"سلطان باشا الأطرش\" أن يتم \"استغلالها لأهداف خاصة\" , فلم يوافق على عرض الإحتلال الفرنسي بتشكيل دولة مستقلة في جبل العرب يكون هو زعيمها.
السويداء هي النقيض المباشر للثنائي (القاسم – جنبلاط). هي قلب المشروع الوطني والقومي, بينما هما ذيل المشروع التفتيتي التقسيمي للمنطقة وثورته التكفيرية الكبرى.
الكاتب / سامر عبد الكريم منصور