انا من عائلة جذورها يمنية.. هكذا قال ملك الأردن عبدالله الثاني للرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما في موسكو ، في زيارة سريعة هي الثانية التي يقوم بها العاهل الأردني الى روسيا خلال اربعة أشهر. والملك الأردني عربيا يعتبر مثل النائب وليد جنبلاط في لبنان ميزان استشعار للتغيرات التي تحصل على مستوى الأحداث خصوصا في الصراع البارد بين الحلفين الدوليين من دمشق حتى كييف مرورا ببغداد وصنعاء.
تقول مصادر أردنية رفيعة ان تقارير المخابرات الاردنية التي وصلت الى القصر الملكي في الفترة الاخيرة أشارت الى ان جزءاً من الجيش الأردني سوف ينضم الى داعش في حال وصلت الى الأردن، وتحدثت التقارير نفسها عن توجه لدى عشرات الضباط المتقاعدين من الجيش الأردني للانتقام من النظام عبر اعلان تأييدهم لداعش بسبب نقمتهم على الملك الذي يحملونه المسؤولية في أزمتها المعيشية ، تنقل المصادر هذا الكلام عن ضابط كبير متقاعد من الجيش الأردني في احد مضافات إربد.
في زيارته الأولى لروسيا قبل اربعة اشهر كان العاهل الأردني يريد تعاوناً روسياً في مجال مكافحة الإرهاب وقد زار جمهورية الشيشان في روسيا الاتحادية للاطلاع على التجربة هناك خصوصا ان داعش تستعمل نفس أساليب المقاتلين الشيشان الذي قاتلوا روسيا ويضم تنظيم داعش مئات المحاربين الشيشان ، ويعتمد الملك الأردني على الأقلية الشركسية لديه لمواجهة تمدد داعش.
المصادر تقول أيضاً ان سبب الزيارة الثانية هو اليمن ودخول قوات الحوثيين الى صنعاء، وسط عجز سعودي تام عن التحرك ، وهذا ما أعاد الى العائلة الأردنية المالكة ذاكرة هروبهم من الحجاز على يد آل سعود وربما احلام بوهن الحكم السعودي من البوابة اليمنية تدغدغ مخيلة هاشميي الأردن بنفوذ ما في مستقبل السعودية..
خاطب عبدالله الثاني بوتين (صديقي و اخي) عبارات لا يستعملها ملك الأردن إلا في زياراته لواشنطن والبيت الأبيض تحديدا. فالملك يستشرف أن المنطقة قادمة على تحولات استراتيجية بين روسيا وأمريكا، واليمن كان دائما منطقة نفوذ روسية ، وهو مطل على قناة السويس والبحر الاحمر وبالتالي فهو يحتل أيضا موقعا استراتيجيا كبيرا بالنسبة لواشنطن.
قال عبد الله لبوتين ان خيارات السعودية قليلة في اليمن، وليس بيان مجلس التعاون الخليجي الذي سوف يغير المعادلة هناك ، ولن تتدخل أمريكا عسكريا وتخوض حرب طائرات دون طيار ضد الحوثيين، كما ان مصر لديها ما يكفيها من المشاكل الداخلية التي تمنعها من مساعدة السعودية هناك وذاكرة المصريين قوية حتى تجنبهم حربا ثانية خاسرة في اليمن بعد حرب خمسينات القرن الماضي، اضاف عبدالله الثاني على مسامع بوتين ان الفراغ الحكومي في صنعاء وعدم الاتفاق على حكومة وحدة وطنية بين الحراك الجنوبي والحكومة شجع الحوثيين على دخول المدينة والسيطرة على مفاصلها.
الخناق يضيق حول رقبة السعودية في اليمن قال عبدالله الثاني ، وهذه فرصة ثمينة للإشارة للسعوديين انهم ذهبوا بعيدا جدا في سياستهم الاقليمية ، وان على السعودية ان تهتم بشؤونها الداخلية بدل ان تلعب بالنار في سوريا والعراق، مضيفا ان ما جرى في اليمن يثبت أن دول الخليج شريك غير موثوق به في الحرب على الإرهاب. الامر الايجابي في كل ما يجري انه سوف يجبر السعودية على إعادة التفكير في استراتيجيتها في سوريا وفي العراق، يملك السعوديون ما يكفي من البراغماتية ليعرفوا انهم عادوا الى نقطة الانطلاق.
مشاركة الكاتب / نضال
المصدر / بانوراما الشرق الاوسط