فى ذكرى حرب السادس من أكتوبر، يتجدد السؤال عن مظاهر الخلل فى المؤسسة العسكرية المصرية والنتائج التى ترتبت عليها من احتكار للسلطة والثروة والنفوذ الاقتصادى والسياسى والاجتماعى فى مصر، مع قوة تدميرية غاشمة من نظام التجنيد فى يد الحاكم لترسيخ الاستبداد، ويقدم المرصد العربى للحقوق والحريات لقراءه فى هذه المناسبة قائمة أولية مقترجة باهم العناوين الفكرية والمعرفية التى يزداد الحاجة لقرائتها بعمق وعناية واستخلاص الدروس الكافية فى محاولات تفسير تفكيك واعادة تركيب المنظومة العسكرية فى مصر، وتنقسم القائمة لـ 5 من أهم المراجع المقترحة تتنوع بين الجانب التفسيرى لفلسفة المؤسسة العسكرية الوظيفية فى مصر ودورها فى ترسيخ الاستعمار الحديث والبنية الفكرية للجيش النظامى ومنظومة التجنيد، وكذلك الجانب العملياتى لحرب أكتوبر والحقائق الغير مروية فيها، بالاضافة الى المحور التحليلى للتوسع والهيمنة لجمهورية الظباط فى مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، عبر مجموعة من المؤلفات العربية والاجنبية والتى نضع معها روابط لقرائتها وتحميلها وتداولها.
1- كل رجال الباشا !
محمد على وجيشه وبناء مصر الحديثة – د.خالد فهمى – دار الشروق
تكمن الأهمية القصوى لهذا الكتاب فى اجتهاده التاريخى والعلمى الجاد لتفكيك الفلسفة التى نشأ على أساسها الجيش المصرى النظامى الحديث وأهم الأفكاره المركزية الحاكمة له ولأنماط سلوكه واتجاهاته والأهداف التى من أجلها اهتم مؤسسها ( محمد على باشا ) ببناء هذا الجيش على الطابع الاستعمارى الغربى لخدمة مطامعه الخاصة وكقوة دافعة لاقامة الدولة البيروقراطية، واستحداث أدوات السلطة الانضباطية الحديثة، لتحصيل الثروة وأرباحها واحتكارها باعتبار المواطنين تروساً فى آلة الانتاج عبر تشييئ المجندين كقوة غاشمة لا تعمل لصالح الرب أو الدين بل لخدمة الباشا من خلال هذا الجيش من الأنفار.
ينقسم الكتاب إلى مقدمة و7 فصول يستعرض فيها طبيعة التوسع العسكرى لمحمد على وارهاصات تكوين الجيش النظامى ودوافع تأسيسه لهذا الجيش، كما يتطرق لأصول الجيوش النظامية فى الغرب ونظم السخرة والاستعباد وفلسفة التجنيد والطرق والنظم المتبعة فى تحقيق الاستعباد والتشييئ للمجندين وردود الأفعال الناتجة عنها بمقاومة المصريين للتجنيد، كما يتناول نظم تفعيل السلطة الانضباطية لاستعباد المجندين فى الجيش وتتمثل فى آليات التدريب والاعتقال والمراقبة والعقوبات البدنية العلنية ودفترة المجندين والقوانين العسكرية وقوانين الفلاحة الجديدة ونظم التفتيش والحضور والغياب، ويستعرض من خلال الفصول حياة جندى ما ( النفر ) داخل الجيش والمعسكرات عبر مجموعة من الوثائق التاريخية الرسمية التى تحكى ظروف نشأة الجيش المصرى ونتائج ذلك على النسيج الاجتماعى المصرى.
2- استعمار مصر – تيموثى ميتشل
يعتبر كتاب Colonising Egypt أحد أهم الكتب الأكاديمية المتخصصة فى تحليل مناهج الاستعمار الحديث وأساليبه لاخضاع الشعب المصرى تحت الهيمنة، وذلك عبر الادوات الاستعمارية المتمثلة فى بناء مؤسسات وظيفية أهمها ( الجيش المصرى النظامى الحديث ) وغيرها من الوسائل مثل العمران والتمدين والثقافة وتخطيط المدن و انظمة المناهج التعليمية ونظم التربية و الخطاب السياسي و التركيبات اللغوية ونظم السلطة الانضباطية الحديثة والأجهزة الأمنية.
يخصص الكاتب فى أحد فصول كتابه الهامة جزءا جوهريا عن الفلسفة التى تأسس عليها الجيش المصرى النظامى الحديث فى عهد محمد على والآليات التى تم الاعتماد عليها فى تدشين منظومة القهر والاستعباد والسخرة فى التجنيد للفلاحين داخل هذا الجيش ودوافع ذلك للسيطرة على ثروة وادى النيل لصالح الطبقة الحاكمة الجديدة والتى تسيطر على هذا المجتمع العسكرى.
3- يسيطرون ولا يحكمون: الجيش والتطور السياسي في مصر والجزائر وتركيا
ألف هذا الكتاب قبل سنوات من الربيع العربى ( ستيفن كوك ) الباحث المختص بشئون الشرط الأوسط فى مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، يتناول فيه طبيعة الدور السياسي للجيوش في مصر والجزائر وتركيا قبل الثورات العربية، والعوامل التى استفادت منها المؤسسة العسكرية فى مصر لتمنح له سلطة قيادة البلاد من الصفوف الخلفية، والنصائح المقترحة للادارة الأمريكية للتعاطى معها بما يخدم مصالحها فى المنطقة.
4- مذكرات حرب أكتوبر: الفريق سعد الدين الشاذلى
يعرض الفريق سعد الدين الشاذلى فى مذكراته الممنوعة من النشر قبل ثورة يناير، تفاصيل حرب أكتوبر من داخل مطبخ العمليات بصفته أحد المخططين الرئيسيين لها، حيث كشفت النقاب عن أخطاء السادات القاتلة والحقائق التى أخفاها نظامه ونظام مبارك عن الشعب المصرى حول الحرب ونتائجها، وقد صودر الكتاب لسنوات طويلة، بل وحوكم الفريق الشاذلى من محكمة عسكرية غيابيا بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات بتهمة نشر أخبار عسكرية.
يقول الشاذلى فى الكتاب: عندما قررت أن أبدأ فى كتابة مذكراتى فى أكتوبر 76- أى بعد ثلاث سنوات من حرب أكتوبر 73- أم يكن هدفى هو كشف أكاذيب السادات التى عمد تأليفها جزافاً أن وضعت الحرب أوزارها, بل كان هدفى الأول هو إعطاء صورة حقيقية للأعمال المجيدة والمشرفة التى قام بها الجندى المصرى فى هذه الحرب. إن من المؤسف حقاً أن السادات ورجاله لم يستطيعوا تقديم هذه الحرب فى الإطار الذى تستحقه كعمل من أروع الأعمال العسكرية فى العالم. ولقد عمدوا إلى الكلمات الإنشائية و البلاغية دون الإستعانة بلغة الأرقام والتحليل العلمى للعوامل المحيطة بها.
5- فوق الدولة: جمهورية الضباط فى مصر
دراسة تحليلية هامة أجراها ( يزيد صايغ ) الباحث المتخصص في العلاقات المدنية- العسكرية العربية عن مركز كارنيغى للشرق الأوسط، تختص الدراسة بتحليل المؤسسة العسكرية المصرية التى أسماها ( جمهورية الظباط ) و مسارها التاريخي وأدوارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحالية، محللا علاقاتها الوظيفية المتشابطة بالنظام السياسي، ومفككا وظائفها التاريخية الثابتة لخدمة مصالح كبار أعضائها، وحجم تغلغلها في النظم السياسية والإدارية والمحلية للدولة المصرية وآثار ذلك على أى تحول ديمقراطي مأمول فى مصر.
تتكون الدراسة من ملخص تنفيذى و4 فصول تبدأ بتفكيك المجتمع العسكرى للمؤسسة العسكرية المصرية وأسس الدمج فى هذه الطائفة الخاصة للظباط فى اطار محسوبية مبارك واليد الطولى الحالية لجمهورية الظباط فى عمق الدولة البيروقراطية المصرية، ثم يتناول فى الفصل الثانى حجم توغل جمهورية الظباط على الأجهزة الرقابية والادارية المركزية للدولة والسيطرة على الحكم المحلى والخدمة المدنية ونظم المرافق والبنية العامة للدولة والمشاريع الاقتصادية العسكرية، وفى الفصل الثالث يحاول اعادة النظر فى المجتمع العسكرى المصرى لشرح كيف يستولى على الفرص فى الداخل المصرى ومظاهر استنساخ طائفة الظباط ونظرة هذه الطائفة لباقى المصريين بوصفهم أعيال لا مواطنين، وفى النهاية يحلل الكاتب أدوات الدفاع عن مصالح جمهورية الظباط الاقتصادية والسياسية والاجتماعية عبر الوصاية العسكرية المتمثلة فى دولة خفية داخل جسد الدولة المصرية.
مشاركة الكاتب / عبدالحليم اسماعيل
المصدر / المرصد