بعد أيام قليلة من سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، أصدر تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" بيانا يتوعد فيه الحوثيين بحرب شعواء ويدعو السُنة إلى الكفاح وحمل السلاح للحيلولة دون تكرار ما وصفها بتجربة العراق في اليمن.
الاخبار ناقشت هذا التطور الجديد في اليمن، وسلطت الضوء على أبعاد دخول تنظيم القاعدة على خط المواجهة ضد الحوثيين، وتساءلت: هل استفحل البُعد الطائفي إلى حد اختزاله في مواجهة طائفة شيعية ذات مطامح سياسية (تسيطر بقوة السلاح) وجماعات سنية مسلحة؟
وفيما يراها محللون محاولة لخطب ود الغرب بالتزامن مع التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، قال عبد الملك الحوثي في خطابه الأخير من صعدة إن الموالين له تخطوا المعوقات الكبرى التي تواجه اليمن، وبأن تنظيم القاعدة هي العائق المتبقي، وتعهد بأن الحوثيين سيكونون جزءا من الحرب ضد القاعدة.
وكان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قد أعلن قبل أيام دعمه لتنظيم الدولة ضد ما وصفها بالمؤامرة الأميركية الإيرانية، ووجه بيانا تحذيريا إلى مسلحي جماعة الحوثي، توعدهم فيها بـ"جعل رؤوسهم تتطاير" واتهمهم بـ"استكمال المشروع الرافضي الفارسي في اليمن، ودعا السنة في البلاد إلى حمل السلاح وتجنب دخول العملية السياسة، لعدم تكرار ما حدث في مصر والعراق، حسب وصفه.
فهل أصبحت الحرب ضد تنظيم الدولة هي المقاربة الجيوسياسية الجديدة التي تحدد طبيعة التحالفات والمواجهات في المنطقة، وما تداعيات ذلك على اليمن ومستقبله؟
تطور متوقع !
يرى الكاتب والباحث السياسي اليمني عبد الناصر المودع أن بيان القاعدة متوقع تماما، فهي النقيض الموضوعي للحوثيين، وتريد تقوية مواقعها، خاصة أن هناك أطرافا من خصوم الحوثيين سيوفرون لها الحاضنة الاجتماعية والجغرافية لتقوم بضرب الحوثيين، في ظل حالة الارتباك التي لا تزال تسيطر على القوى الكبيرة والمنظمة في اليمن.
وتابع أن خطاب الحوثيين الذين يتحدثون عن أنهم يحاربون التكفيريين يمثل استدعاء للقاعدة بشكل مباشر أو غير مباشر، لكنه أكد أن التجربة العراقية أو السورية لا يمكن أن تتكرر، مشيرا إلى أن الحركة الحوثية لا يزيد عدد من يؤيدها -على أحسن الافتراضات- عن 10% من السكان، وبالتالي فإن من يعارضها كثر، وهم أقوياء، وليسوا بحاجة للقاعدة.
من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن فواز جرجس إن ما يحدث باليمن هو تدمير للدولة الوطنية، بعدما فشل السياسيون في السياسة، مشيرا إلى أن الصراع في سوريا "صب الزيت على النار" وأعطى زخما لهذه التنظيمات التي تتغذى على الوضع المذهبي الطائفي، حسب وصفه.
صراع سياسي !
وشدد جرجس على أن الصراع في اليمن والمنطقة عموما ليس صراعا مذهبيا طائفيا، وإنما سياسي أيديولوجي، معتبرا أن "الحرب الباردة" بين القوى الإقليمية لها تداعيات مذهبية، وحذر من أن اليمن على شفير الهاوية.
في السياق توقع الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة أن يتكرر السيناريو العراقي والسوري في اليمن على نحو أكثر حدة، بعد أن حدثت إهانة لليمنيين وثورتهم، ووصف ما حدث بأنها "ثورة مضادة" من فئة لا تتجاوز 10% من الشعب اليمني.
واتهم الزعاترة إيران بأنها تدمر التعايش السلمي في المنطقة، وتدخل معركة لن تنتصر بها في أي حال، وحذر من أن "الغطرسة الطائفية" ستخلق تنظيمات لمواجهتها، وستحصل القاعدة على حاضنة شعبية وربما ينضم إليها آخرون.
واستبعد الزعاترة أن يكون هناك تكرار حرفي للحالة العراقية في اليمن، موضحا "قد يكون الوضع مزيجا من سوريا والعراق مع بعض الخصوصية للوضع في اليمن".
مشاركة الاستاذ / مرعي حندور
المصدر / الجزيرة