كشف عائد من «الإلحاد» أن نسبة «اللادينيين» في المملكة كبيرة، وغالبيتهم نساء، وذلك لما يشعرون به من ظلم وتقصير في التعاليم الدينية، التي تصوّر المرأة بأنها عبء ثقيل على المجتمع والواجب سترها، بخلاف الرجال، عازياً أسباب ذلك إلى «الخطأ في الواقع والصورة التي يتم إيصالها إليهم».
وأكّد أحد العائدين (رفض ذكر اسمه) في حديث خاصّ إلى «الحياة»، أنه ليس نادماً على خوض هذه الرحلة، لأنها أعادته إلى نفسه أكثر من ذي قبل، وكان يعيش «الرعب والخوف والضغوط النفسية لأكثر من عام كامل، وكانت أمواج الموت تتلاطم»، على رغم أن سفينته كان تبحر «باحثة عن إجابات حقيقية لكثير من التفسيرات التي تسبب فيها التفكير المستمر وتشدد والدي، والضغوط المتولدة من الدراسة، التي كنت أعايشها».
ولم يمنعه حفظه القرآن الكريم كاملاً من الإلحاد. وقال: «لم أفكر بالرجوع أبداً إلى أي شيخ لأنني لم أكن أثق فيهم». وأضاف: «طريقة تلقّي التعاليم الدينية خاطئة وهي أحد الأسباب»، وأكمل: «كنتُ مثقفاً وملماً بالقراءة الأدبية والفلسفية، إضافة إلى حفظي القرآن كاملاً والتزامي بالصلوات، والمداومة على ارتياد المسجد»، وبعد أن أخذ نفساً عميقاً، أردف: «كان عمري لا يتجاوز الـ19 عاماً حينها».
وذكر الشاب أن انتقاله من مسقط رأسه في جنوب المملكة إلى المنطقة الشرقية لإكمال دراسته في مجال الصحّة كان «بداية الانتكاسة»، وقال: «حينما بدأت الدراسة، كنت أطلب من الله النجاح دائماً، ورسبت في 3 مواد، ما جعلني أسهب في المقارنة بين حياتي وحياة كثيرين غيري، ممن ليس لديهم اهتمام بالصلاة والصيام وغيرها من الأمور الدينية، على رغم أنهم يعيشون حياة مستقرّة»، ومن هنا «بدأت الشكوك تدهم روحي وعقلي».
وحول اتساع دائرة الشكوك، ذكر أنها بدأت في إجازة الصيف عام 1430هـ، «إذ كنت في فترة أحتاج إلى الله كثيراً، لكنني لم أوفق»، موضحاً أنه لم يكن يحكي ما يشعر به لأحد، وأضاف: «بدأت في تحليل الأحكام العامة والقرآن الكريم والسنة النبوية، ما أوصلني إلى الإحساس بوجود تناقض حول الأدلّة والقضايا الخلافيّة بعد محاولة الربط بينها كثيراً»، لافتاً إلى أنه لم يكن متأكداً من إلحاده الفعلي، إلا أنه يعلم أنه حينها لم يكن مؤمناً، ما دفعه إلى ترك الصلاة وعدم الصيام موقتاً.
وأشار إلى أن «الإلحاد ليس مقتصراً على المسلمين فقط، بل إن هناك لا دينيين من المجوس والنصرانيين واليهود»، عازياً سبب انجرافهم إلى «رغبتهم بالابتعاد عن تأنيب الضمير والمحاسبة الذاتية، والتفكير بأن هناك رقيباً سيحاسبهم حال فعل أي شيء محرّم».
وذكر أن «الملحدين أنواع، فمنهم الباحث عن جواب حقيقي، وهذا برّر الهدف من إلحاده، ومنهم المظلومون في التعاليم الدينية، مثل النساء، لما يرد لهن بأنهن عبء ثقيل على المجتمع، وما يطلب منهن في لبس العباءة وغيرها بخلاف الرجال، إضافة إلى المقلدين، وهم الباحثون عن نوع من الإثارة بعد الملل من الطريقة والروتين في العبادة، وهذا النمط منتشر بين الشباب كثيراً».
وقال: «لم أوقن طوال أيام الإلحاد بعدم وجود الله، لكنني كنت أشعر بوجود شيء غائب»، مشيراً إلى أن جميع أنواع اللادينيين «لا يعرفون ما نوعهم بالضبط، أو يقومون بإيضاح أهدافهم وأسبابهم من الإلحاد».
ووجّه الاتهام إلى «طريقة التلقّي الخاطئة للتعاليم الدينية»، وذلك في ازدياد نسبة اللادينيين، ما دفعه إلى عدم زيارة أي شيخ، بل استمرّ يبحث عن ضالته من طريق مواقع الإنترنت، متستراً خلف اسم مستعار يجوب المنتديات ويخوض الحوارات والنقاشات، وحدث تواصل شبه شخصي، يهدف منه إلى الاستفادة من آخرين لهم التوجّه نفسه من الجنسين».
ولفت إلى أنه كانت تُعقد «لقاءات مغلّفة»، شبهها بـ«الجلسات المنزلية، ولا يتعدى الحضور فيها ستة أشخاص، وكنت أصغر شخص فيهم، وبعضهم يتجاوز الـ50 عاماً، وكان دخولي من أجل الانغماس في الأمور غير الأخلاقية، أما الاجتماعات الفعلية فكانت تعقد في إحدى دول الخليج القريبة، وذلك خوفاً من وصول الخبر إلى الأجهزة الأمنية التي قد تدهم المكان».
وامتدح تبادل الخبرات الحياتية والعملية والعلمية والثقافية بين اللادينيين، إضافة إلى الأخلاقيات، من خلال حلقات النقاش التي كانت تقام باستمرار، موضحاً أنه لم يكن هناك «انفصال حال حدوث تصادمات في الآراء».
والتقى إثر ذلك بمتدينين سلكوا طريق الإلحاد، وقال: «كنت أبلغ زملائي بخوفي، وكانوا يسكتون رغبة منهم في وصولي إلى مبتغاي»، مشيراً إلى أن العلاقات غير الشرعية الناتجة من الاجتماعات كانت واضحة، إضافة إلى وجود شواذ جنسياً، أحسوا بظلم المجتمع لهم، وتم القبض عليهم في قضايا أخلاقية فيما بعد.
واعترف (العائد) بازدياد هاجس الخوف من الموت لديه، ما أدى إلى انخفاض وزنه بشكل ملاحظ، الأمر الذي اضطرّه لمراجعته عيادة الصحّة النفسية 3 أشهر متتالية، وتناول أدوية مهدّئة للاكتئاب، مشيراً إلى أنه لم يشرح «مشكلة الإلحاد» إلى الطبيب. وذكر أن حاله الوسطيّة «عادت وتعافيت ذاتياً، وابتعدت عن الإلحاد ومن يسير فيه، وانضممت للناس العاديين»، مضيفاً: «وجدتها فرصة لإكمال حياتي الطبيّعية، وتركت القراءة كلياً، ما منحني الراحة النفسية، والتركيز على جوانب أخرى كانت غائبة عني».
ولفت إلى أنه غير نادم على خوض هذه التجربة التي أوصلته إلى قناعة وزادته معرفة وقوة، «ولخوفي من تردي حالي مرة أخرى لم أفكر في العودة إلى الطريق نفسه أبداً»، موضحاً أنه لم يعد يخشى الموت كما في السابق، ولم يشكّل معرفة عائلته بما كان يمر به هاجساً له، على رغم ملاحظتهم التغيّر الذي طرأ عليه. «وكانوا يساندونني على رغم عدم معرفتهم بالتفاصيل».
فيما نشرت الكاتبة البنغالية “تسليمة نسرين” المعروفة بإلحادها، صورة على حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” زعمت أنها لشابة سعودية ملحدة تدعى “سكينة مجول”. وقالت نسرين وفقا لما نشره موقع عاجل الالكتروني إن الصورة التُقطت لـ”مجول” خلال حضورهما المؤتمر الثالث للنساء العلمانيات الذي عُقد في أحد الفنادق بمدينة “الإسكندرية” التي تقع بولاية فيرجينيا جنوب العاصمة الأمريكية واشنطن، والذي بدأت فاعلياته أمس 16 مايو، وتنتهي في 18 مايو. كما نشرت الكاتبة صورةً أخرى لعدد من الرجال والنساء من باكستان وأفغانستان والهند ومصر ولبنان، مؤكدة أن جميعهم ملحدين حضروا للمشاركة في المؤتمر.
واستحوذت الشابة السعودية على غالبية التعليقات على الصورة التي أعرب فيها بعضهم عن مفاجأته بوجود سعودية ملحدة، وتساءل البعض عن العقوبة التي من الممكن أن توقّع عليها حال عودتها إلى المملكة.وكتب أحد الأشخاص -ويدعى MaximG- معلقًا على الصورة ناصحًا الفتاة التي قيل إنها سعودية بعدم العودة إلى المملكة مرة أخرى. ونالت الفتاة السعودية نصيب الأسد من التغريدات، وفى هذا الصدد قال ساندرام تشيسرمبات إنه لم يخطر بباله على الإطلاق أن يوجد مسلم ملحد، مؤكدًا أن وجود الشابة السعودية كان بمثابة مفاجأة كبيرة بالنسبة له.
من جانبها، ردت تسليمة نسرين على التعليقات بأنها فخورة جدًّا بصحبتها للشباب والشابات الملحدين، قائلة: “أنا فخورة جدًّا بكم، بكوني مسلمة سابقة، وأنني لست وحدي الآن، فهذا يجعلني أشعر بالراحة.. هذا أمر عظيم”. يذكر أن الكاتبة البنغالية صدر بحقها فتوى تهدر دمها في عام 1993م بسبب مقالاتها الصحفية العديدة حول ما وصفته بـ”سوء معاملة المرأة في الإسلام”، قبل أن يتم منحها حق اللجوء في السويد.
وغادرت تسليمة الهند عام 2008 بعد أن أثارت أعمالها الروائية جدلا في بلادها، بعد الإقامة لعدة أشهر في منزل أمن حكومي وسط إجراءات أمنية مشددة وحالة من الغموض والتوتر. وأرغمت نسرين (45 عامًا) على مغادرة كلكتا في ولاية البنغال الغربية الهندية في شهر نوفمبر العام الماضي بعد احتجاجات عنيفة من قبل إسلاميين قالوا إن مؤلفاتها مسيئة للإسلام.
مشاركة الكاتب / طلال العلواني