بعد تضارب الأخبار، وكثرت القيل والقال ، في قضية عبد الله النفسي ، ورد إلينا ، منذ ساعات أن محكمة الجنايات قضت ببراءة الدكتور عبدالله النفيسي من تهمة الإساءة للمذهب الشيعي وشق الوحدة الوطنية. و من المعلوم أن النيابة العامة أمرت في وقت سابق بإحالة النفيسي للمحاكمة، بتهم أمن دولة، تتعلق بالقيام بنشاط يضر بالمصالح القومية وازدراء فئة وإثارة الفتنة بالبلاد، واتهم النفيسي بالإساءة الى الشيعة في ندوتين تحدث فيهما. لا شك أن الدكتور النفيسي يعتبر من أهم المحللين السياسيين في الوطن العربي وخاصة بخرجاته غير المتوقعة وحنكته السياسية ،كما يعرفه القراء مفكر يقظ نشيط ،
وهو يجمع إلى ذلك صفات الرجل العملي الديناميكي المحب للانضباط ، مما جعل المواطن العربي يبحث عنه في القنوات العربية لعله يسمع منه ما يشفي نفسيته وهو عضو سابق في مجلس الأمة الكويتي. ورغم ذلك فإنه تصرف كالسكير الذي بجانبه برميل من الخمر بعد أن اغرق نفسه في مستنقع الفتنة . كان من المفروض أن لا يتذرع بهذه الخصائل و بما يسمونه الحريات الفردية ..! لإشعال نار الفتنة في المنطقة \" حدود حريتك تنتهي عند بدء حدود حرية الآخرين \" . من الواضح أنه خلال العشرين سنة الماضية فرضت على بعض دول الخليج منازعات وخلافات من التبسيط والاختزال مردها إلى عامل واحد هو العدد المتزايد للوافدين إلى هذه الدول الصغيرة بحجمها وعدد سكانها،
فقد حملت وتحمل هذه الوفود أو ما يمكن تسميتهم السكان الجدد لدول الخليج ثقافتها وعقيدتها ولغتها، زيادة عن ذلك فقد فرضت نمط حياة وأنشطة اقتصادية حسب ميولها وتقاليدها، ولعل أهم ما يواجه بعض الدول الخليجية اليوم بجانب القضية الرئيسية \'\'تفوق نسبة السكان الجدد في بعض هذه الدول على السكان الأصليين \" . والمخططات الغربية التي تهدف إلى توالى الصراع العربي الإسرائيلي ويحل محله الصراع المذهبي بين السنة والشيعة وما سينتج عنه من خراب واستباحة للدماء . ما يحزن الشعوب الإسلامية في الوقت الحالي أن الصراع السني الشيعي .
أخذ منعطفا خطيرا لم تشهده حتى فترات التاريخ الأكثر سوادا في الماضي الإسلامي بينهما , و لم تبق إلاّ إعلان الحرب بين الفريقين اللذين مهدا فكريا و عقديا وايدلوجيا و علميا لهذه الحرب التي بدأت ملامحها تظهر في سوريا .
إن في الصراعات المذهبية ضرب من الجنون ، والتي تنبئ إن استمرت بحرب بين السنة والشيعة . وليس بمقدورنا سوى تذكير حكامنا بما قاله الكاتب الألماني شتيفان بوخن \" أنَّ رجال دين من أمثال السنّي يوسف القرضاوي أو الشيعي آية الله أحمد جنّتي يمثـِّلون البغض الطائفي ويفرغون الإسلام الراهن من العقل، وأنَّ الحرب الدينية ما بين المذاهب الإسلامية التي ساهم هؤلاء في إشعال فتيلها من شأنها أنْ تغيِّر وجه المنطقة على نحوٍ مدمر\". وبعد ، فلا أطلب منكم إلا تبصر الأمور وإلا سارت بعكس ما تهدف و ما تبتغي ، واضطرب النظام و ضاع الأمن ، وراح السلام بين الطرفين : ليس معقولا أن يدعو عبد الله النفيسي إلى الفتنة ! ،
من المفروض أن يقوم بواجبه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وأهم المنكرات التي يجب عليه ازالتها وتحذير المسلمين منها هي التي تتعلق بالصراعات المذهبية لأن تصحيح هذا المفهوم على اسس صحيحة هو الأساس ولن يكون هناك إصلاح ولا حكم إسلامي صحيح إلا إذا تخلصنا نهائيا من هذه الظاهرة المدمرة . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، خيرا أو ليصمت \".
مشاركة الكاتب / رابح بوكريش الجزائر
