لا تزال الأقلية المسلمة في بورما تتعرض الى أكبر عملية إبادة جماعية، تقوم بها الجماعات البوذية المتطرفة التي سعت الى توسيع جرائمها الوحشية وسط صمت الحكومة البورمية وباقي الحكومات العالمية، ومنها الحكومات العربية" المسلمة" التي انشغلت بتأجيج الفتن ودعم الصراعات بين المسلمين في بعض الدول العربية، من خلال دعم وتسليح بعض المجاميع المتشددة وتحت شعارات طائفية كما يقول بعض المراقبين.
وقد اسفرت جرائم التطهير العرقي ضد أقلية "الروهينجا" المسلمة، عن سقوط العديد من الابرياء إضافة إلى التهجير وتدمير المنازل والمساجد وجرائم الاغتصاب وغيرها من الجرائم الاخرى، التي هي اليوم محط اهتمام العديد من المنظمات الانسانية والحقوقية. حيث اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات في ميانمار بممارسة أكبر عملية إبادة جماعية ضد الأقلية المسلمة.
كما أكدت منظمة "هيومان رايتس ووتش" لحقوق الإنسان أن مسلمي "الروهينجا" بولاية أراكان يتعرضون للسخرة وتقييد حرية الحركة، وتُفرض عليهم الأحكام العرفية، وتُدمر منازلهم، فضلاً عن تقييد حرية العبادة. وبحسب الأمم المتحدة تعتبر الأقلية المسلمة في بورما أكثر الأقليات في العالم اضطهادًا ومعاناة وتعرضًا للظلم من الأنظمة المتعاقبة، وهي أفقر الجاليات وأقلها تعليمًا.
وبحسب بعض المراقبين فان هذه المنظمات وبسبب انتقاداتها المستمرة لتك الجرائم وعملها الانساني، اصبحت هي الاخرى عرضة لتهديدات الجماعات البوذية المتطرفة التي أقدمت على مهاجمة و طرد بعض المنظمات وموظفي الأمم المتحدة وعمال الاغاثة، وهو ما قد يهدد بحدوث كارثة انسانية كبيرة بسبب نقص الخدمات الاساسية والرعاية الصحية.
فيما غزة تنزف دماً رد الشيخ محمد العريفي ان غزة تنزف دمها لأمة بلا دم والسويدان يدعو على الحكام الخونة المساندين لإسرائيل
الداعية الإسلامي،محمد العريفي، إن قطاع غزة يقوم بنزف الدم بالنيابة عن الأمة التي أصبحت بلا دم على حد تعبيره، في الوقت الذي وجه فيه الداعية طارق السويدان انتقادات لاذعة للحكام الذين يقومون بمساندة إسرائيل في عملياتها ضد غزة.
العريفي الذي يعتبر أحد وجوه تيار الصحوة في المملكة العربية السعودية، قال عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك: “من ظن أن غزة تنزف الآن فليراجع نفسه.. غزة إنما تتبرع بدمائها لأمة أصبحت بلا دم.”
من جهته قال الداعية السعودي، طارق السويدان، الذي يعتبر أحد وجوه جماعة الإخوان المسلمين في دول الخليج: “اللهم احفظ غزة وأهلها ورد كيد بني صهيون في نحورهم، اللهم عليك بالحكام الخونة المجرمين الذين يساندوهم سرا وعلنا.”وتابع قائلا: “اللهم سدد رأي المجاهدين بحق وسدد رميهم واحفظ دماء الأبرياء وأعراضهم وأموالهم.”
وفي هذا الشأن تشهد غرب ميانمار حملة تزداد شراسة لعزل المسلمين في أجواء أشبه بالفصل العنصري يقودها نشطاء بوذيون شجعهم تحول البلاد عن الحكم العسكري. وتسبب العنف الديني منذ عام 2012 في مقتل مئات من مسلمي الروهينجا وتشريد أكثر من 140 ألفا في ولاية راخين. والناجون يعيشون كالسجناء فعليا في مخيمات أو قرى معزولة وسط قيود على الحركة بل وعلى الزواج وعدد المواليد في بعض المناطق.
ويقول عاملو إغاثة إن نشطاء وسياسيين بوذيين في ولاية راخين يقودون حملة لتقليص الرعاية الصحية والمساعدات الأخرى المقدمة لمسلمي الروهينجا في الولاية والذين يقدر عددهم بمليون نسمة. في صدارة هذه الحملة تظهر شبكة راخين الاجتماعية التي تضم عدة منظمات وحزب أراكان الوطني الذي تأسس حديثا. وقالت نيو آيي رئيسة شبكة نساء راخين وهي إحدى المنظات في شبكة راخين الاجتماعية "نخشى ألا يبقى هذا البلد بوذيا."
وأضافت "نحن أبناء راخين نحرس الباب الغربي لميانمار بقوة" في إشارة إلى اعتقاد واسع بأن الروهينجا مهاجرون مسلمون تسللوا من بنجلادش. ويجيء تصعيد الحملة على مسلمي الروهينجا في وقت يستغل فيه زعماء راخين الإصلاحات الديمقراطية في ميانمار في اقتناص قدر أكبر من الحكم الذاتي وحصة من تطوير البنية التحتية ومن إيرادات النفط والغاز التي تقدر بمليارات الدولارات.
ويقف هذا التعصب البالغ حائلا دون انفتاح ميانمار على العالم بعد حكم عسكري دام ما يقرب من 50 عاما. وفي وقت سابق أورد الرئيس الأمريكي باراك أوباما مسألة الانتهاكات في ولاية راخين كأحد أسباب تمديد بعض العقوبات الاقتصادية على ميانمار. وقال ماثيو سميث المدير التنفيذي لمنظمة فورتيفاي رايتس وهي منظمة غير حكومية تتابع الأوضاع في ولاية راخين "هناك حملة نشطة جدا لعزل السكان الروهينجا وإخراجهم مما يعتبره البوذيون في راخين وطنهم الأم."
وأضاف أنه حتى المعتدلون نسبيا من زعماء راخين يدعون إلى "وضع الروهينجا في أجواء أشبه بالفصل العنصري واستمرار الانتهاكات التي تصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية." ونفى وين مياينج المتحدث باسم حكومة ولاية راخين التي شكلتها الحكومة المركزية أن هناك أزمة انسانية في المنطقة. وأضاف أن معظم الروهينجا النازحين يعيشون في المخيمات في ظروف أفضل من تلك التي كانوا يعيشون فيها قبل العنف. وتشير أرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى أن أكثر من 86 ألف مسلم فروا من ميانمار بحرا منذ 2012 هربا من الاضطهاد.
وعقد مئات من زعماء راخين مؤتمرا في مدينة كياوكبيو الساحلية في أواخر أبريل نيسان وأوائل مايو أيار فيما اعتبره كثيرون حدثا الغرض منه الكشف عن حزب أراكان الوطني الذي يطمح في الهيمنة على برلمان الولاية في الانتخابات القادمة. والحزب ليس مرتبطا رسميا بشبكة راخين الاجتماعية لكنه يشاركها الكثير من الأهداف. وأقر الحضور في المؤتمر قرارات تطالب بحصول أبناء راخين على نصف إيرادات النفط والغاز في الولاية وبتعديلات دستورية تنقل قدرا كبيرا من السلطات للولاية وبرلمانها المنتخب. وهيمنت على المناقشات كيفية التعامل مع الروهينجا.
وقال آيي ثار أونج زعيم حزب أراكان الوطني "تقديرات عدد سكان ولاية راخين هو ثلاثة ملايين نسمة. وهناك أكثر من مليون بنغالي" مستخدما التعبير المفضل لدى حكومة ميانمار التي ترفض الاعتراف بوجود مجموعة روهينجا عرقية. وتساءل "كيف يمكن أن نسمح لأناس جنسيتهم غير معروفة بالتصويت في ميانمار؟" وتابع قائلا "من الواضح أن حدودنا ودولتنا مهددة بغزو."
والحل الذي يحبذه زعماء راخين حل بسيط: امنحوا المواطنة ربما لنحو 200 ألف من الروهينجا ثم انقلوا الغالبية الباقية عنوة إلى "معسكرات احتجاز" يبقون بها للأبد ما لم تأخذهم دول غنية. وستتخذ أيضا خطوات لتشديد الرقابة على الحدود مع بنجلادش لمنع ما يعتقد زعماء راخين أنه تدفق للمهاجرين الروهينجا غير الشرعيين. والهدف حسبما يقول آيي ثار أونج هو تحييد الخطر الديموجرافي الذي يشكله الروهينجا على أبناء راخين. بحسب رويترز
ويتحدث موظفو إغاثة أجانب عن حملة في مخيمات ومناطق إقامة الروهينجا لتقليص خدمات الرعاية الصحية لهم ويقولون إن هذه الحملة زادت الوضع صعوبة. وقال مسؤول سابق في وكالة دولية تركز العمل على ولاية راخين إن العاملين بدأوا العام الماضي يتلقون تهديدات بالقتل من مصادر مجهولة وإن أصحاب العقارات في الولاية بدأوا يرفضون التعامل مع هيئات العمل الإنساني. وطلب المسؤول السابق عدم نشر اسمه لحساسية الأمر.
منظمات الاغاثة !!
من جانب اخر حث مبعوث الأمم المتحدة ميانمار على السماح بعودة منظمات الإغاثة لممارسة مهامها في ولاية راخين بعد اضطرارها للفرار من هناك بسبب الهجمات وحذر من أن رحيلهم يهدد "بتبعات وخيمة" على مسلمين يحتمون في مخيمات من عنف الأغلبية البوذية. وقال توماس أوجيا كوينتانا مقرر الأمم المتحدة الخاص بشأن وضع حقوق الإنسان في ميانمار إن نقص إمدادات المياه قد يصل إلى مستويات حرجة في بعض مخيمات النازحين التي يعيش فيها 140 ألف شخص نتيجة الصراع الطائفي. وذكرت الأمم المتحدة في بيان أن نحو 700 ألف شخص خارج المخيمات يواجهون الخطر أيضا.
وأضاف كوينتانا "العاملون في ولاية راخين يقدمون المساعدات الأساسية للحفاظ على الأرواح بما في ذلك الخدمات الصحية والمياه والطعام للنازحين داخليا وللقرى المنعزلة والمناطق المتضررة الأخرى." والتطورات التي شهدتها ولاية راخين في الآونة الأخيرة هي الأحدث في تاريخ طويل من التمييز ضد مسلمي الروهينجا والتي قال كوينتانا انها "قد ترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية."
واندلعت الاضطرابات في مارس آذار بعد أن سرت شائعات بأن عاملة إغاثة دولية دنست راية للبوذيين. واحتشد نحو 400 محتج أمام مكتب منظمة مالتيسير الدولية للمساعدات ورشقوه بالحجارة ثم هاجموا مبان أخرى تابعة لمنظمات إغاثة والأمم المتحدة. وتثير منظمات الإغاثة منذ وقت طويل غضب بعض البوذيين في ولاية راخين. ويتهم البوذيون هذه المنظمات بالتحيز لجماعة الروهينجا التي تشكل الغالبية العظمى من ضحايا العنف الطائفي.
وترفض المنظمات الإنسانية اتهامات بالانحياز إلى المسلمين ويقول الكثير من العمال انهم تعرضوا للتهديد والترهيب. وقالت حكومة ولاية راخين إنه سيسمح لمنظمات الإغاثة الدولية باستئناف عملها لكنها لم تحدد موعدا. ويقول عمال الإغاثة إنه سيكون من الصعب استئناف الجهود الإنسانية بعد أن تلقى المواطنون ومنهم متعاقدون يتولون عملية نقل الطعام تحذيرات بعدم التعاون مع الوكالات الدولية.
وقال بيير بيرون المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "كل يوم يمر تتزايد فيه احتمالات وفاة أشخاص بسبب عدم توافر الخدمات الطبية." وأضاف "الوقت يمر". واستدعت بريطانيا سفير ميانمار لدى لندن لمطالبة بلاده السماح لوكالات الاغاثة باستئناف عملها في راخين.
وفي البداية شن نشطاء راخين ومعظمهم يعملون مع شبكة راخين الاجتماعية حملة طويلة على منظمة أطباء بلا حدود - هولندا وهي جماعة إغاثة كانت توفر الرعاية الصحية الأساسية لنصف مليون شخص من الروهينجا. وقال النشطاء إن المنظمة منحازة ضد أبناء الولاية. وأغلق النشطاء مكتب المنظمة بعد أن قالت إنها عالجت أشخاصا من إصابات لحقت بهم في أحداث عنف بمنطقة ذكرت الأمم المتحدة أن 40 على الأقل من الروهينجا قتلوا فيها في يناير كانون الثاني. ودفعت الاحتجاجات الحكومة المركزية لطرد منظمة أطباء بلا حدود - هولندا في فبراير شباط الماضي.
ولا تزال حكومة ميانمار تمنع عمل منظمة أطباء بلا حدود - هولندا ومالتيسير مما يحرم أكثر من 600 ألف شخص يعيشون في مخيمات وقرى من الرعاية الصحية. وفي قرية "إن دين" بشمال ولاية راخين قالت نورجان المريضة بالسل والتي تبلغ من العمر 60 عاما إن طرد منظمة أطباء بلا حدود - هولندا قضى على أي فرصة للعلاج في قريتها. وهي من حينها لم تعرض على أي طبيب إلا مرة واحدة بعد رحلة منهكة لبلدة ماونجداو الواقعة على مسافة تقطعها السيارة في عدة ساعات.
وكلفها السفر والعلاج 50 ألف كيات (51.54 دولار). وقالت "أنفقت كل ما معي من مال ثم اقترضت الباقي من الأهل والجيران... وعلي أن أرد الدين بشكل أو آخر." وبعد أحداث العنف في مارس آذار أصبح زعماء راخين الذين ثاروا على منظمات الإغاثة الأجنبية لهم سلطة مراقبة عمل تلك المنظمات.
وتشرف هيئة جديدة أطلق عليها اسم مركز تنسيق الطوارئ على منظمات الإغاثة الأجنبية منذ أواخر مارس آذار. ويهيمن على المركز أعضاء شبكة راخين الاجتماعية. وقال ثان تون وهو عضو بمركز تنسيق الطوارئ في الولاية وأحد أعضاء شبكة راخين إنه لا منظمة أطباء بلا حدود - هولندا ولا مالتيسير أمامها فرصة للعودة للولاية. بحسب رويترز.
وتجري متابعة منظمات الإغاثة الأخرى عن كثب للتأكد من عدم ميلها للروهينجا. وأضاف "إن كان لي أن أتحدث بصراحة فإنني سأقول كواحد من أبناء راخين إنه إذا غادرت كل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الأهلية الدولية راخين فإنها ستقطع نصف الشوط صوب إنهاء الصراع في الولاية."
قلق أمريكي !!
على صعيد متصل دعت الولايات المتحدة ميانمار لرفع قيود السفر على موظفي الامم المتحدة والمنظمات الانسانية الاخرى للسماح لهم باستئناف العمل في ولاية الراخين التي تضررت من أعمال العنف العرقية والدينية وعبرت عن قلقها العميق بشأن ما وصفته بأنه "أزمة انسانية". وقالت زارة الخارجية الامريكية إن الهجمات الغوغائية العنيفة على مكاتب الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية زادت الأوضاع المضطربة بالفعل سوءا. وقالت "ندعو .. الحكومة لالغاء قيود السفر وتسهيل تصريحات السفر المناسبة للامم المتحدة والمنظمات الانسانية الاخرى حتى يمكنها استئناف خدماتها للمحتاجين في ولاية الراخين."
وأضافت "لذلك ندعو الحكومة الى اتخاذ خطوات ذات مغزى لتوفير الامن لجميع موظي الاغاثة وسكان ولاية الراخين." واضطرت وكالات المساعدات الانسانية على وقف أعمالها في الراخين عندما دمر مئات البوذيين في الولاية منازل العاملين ومكاتب ومخازن المنظمات والزوارق التي تستخدمها في نقل الامدادات. وأطلقت الشرطة طلقات تحذيرية لقمع المشاغبين وانقاذ موظفي الاغاثة. وحث البيان الامريكي الحكومة على اتخاذ خطوات لضمان اجراء التعداد "وفق المعايير الدولية والتزام الحكومة بالمصالحة الوطنية والحل السلمي للخلافات العرقية والدينية." بحسب رويترز.
من جانب اخر قال بيتر ويلسون نائب السفير البريطاني لدى الامم المتحدة بعد جلسة مجلس الامن "جرى التعبير عن قدر كبير من القلق حول الطاولة بشان الوضع في راخين وايضا بخصوص المفاوضات بشان الدستور وكانت هناك ايضا بعض الاشادة بالخطوات التي اتخذت في عملية السلام." ودعا الي نهاية للعنف في ولاية راخين وعودة عمال الاغاثة.
اتهامات لتضيق الخناق !!
في السياق ذاته تتصاعد التوترات نتيجة لتدهور الأوضاع الإنسانية ومحدودية فرص الحصول على سبل الرزق بالنسبة لمسلمي الروهينجا في ولاية راخين ذات الغالبية البوذية في ميانمار مما يؤدي إلى اتهام البعض لهم بتهريب المخدرات عبر الحدود إلى بنجلاديش المجاورة. وقال اللواء عزيز أحمد، مدير عام حرس الحدود في بنجلاديش: "لقد قبضنا على كثير من الروهينجا وبحوزتهم "يابا" وهو ما يعني أنه يتم استخدامهم كمهربي "يابا". وقد قمنا مؤخراً بافتتاح ستة مخيمات جديدة على طول الحدود لمنع الدخول غير الشرعي للروهينجا والمخدرات".
و"اليابا" هو مخدر يحتوي على المورفين والمنشطات ويخلق آثار هلوسة شديدة. ويمكن أن يظل متعاطو هذا المخدر مستيقظين لأيام كامله بعد كل تعاطي. وقد سجل قسم مكافحة المخدرات في الحكومة البنغالية زيادة في مضبوطات "اليابا" في السنوات الأخيرة– من حوالي 4,000 قرص في عام 2009 إلى أكثر من 150,000 في عام 2013. وسجل التقييم العالمي للمخدرات المصنعة لعام 2014 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أن مخدر "اليابا" المضبوط في بنجلاديش قد نشأ في ميانمار.
وقد عانى ما يقرب من 800,000 شخص من الروهينجا من الاضطهاد والتمييز، وشمل ذلك كونهم عديمي الجنسية في نظر القانون البورمي. وتدعي حكومة ميانمار أن الروهينجا من الناحية التاريخية مهاجرون غير شرعيين من بنجلاديش وتصفهم "بالبنغاليين". وتود حكومة بنجلاديش أن يعود لاجئو الروهينجا الذين يعيشون على أراضيها إلى وطنهم. ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوجد ما بين 200,000 إلى 500,000 من الروهينجا في بنجلاديش، من بينهم 30,000 فقط تم توثيقهم ويعيشون في مخيمين حكوميين تدعمهما المفوضية، يبعد كلاهما مسافة كيلومترين اثنين عن ميانمار. ويعيش معظم لاجئي الروهينجا في مستوطنات غير رسمية أو بلدات ومدن في ظروف وصفتها منظمة أطباء بلا حدود بأنها "ظروف يرثى لها".
وقد أدت أعمال العنف الطائفي في ولاية راخين إلى نزوح أكثر من 140,000 من الروهينجا وأجبرت الكثير منهم على عبور الحدود إلى بنجلاديش. والظروف غير مهيأة تماماً بالنسبة لهم للعودة إلى ديارهم. كما أُجبر عمال الإغاثة الدوليون على الفرار من غرب بعد استهدافهم من قبل البوذيين الذين قاموا بإلقاء الحجارة على منازل ومكاتب عمال الإغاثة في سيتوي بسبب اعتقادهم بتحيز عمال الإغاثة للروهينجا. وتقوم الوكالات الإنسانية بعمل مناورات منذ ذلك الحين من أجل الدخول مرة أخرى إلى غرب ميانمار للعمل بكامل طاقتها.
وأثناء الزيارة التي قامت بها كيونغ وا كانغ، مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائب منسق الإغاثة في حالات الطوارئ إلى مخيمات النازحين داخلياً في ولاية راخين، وصفت كانغ الموقف بأنه "مروع مع عدم كفاية ايصال الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي إلى النازحين". ويذكر أن أكثر من 140,000 من الروهينجا يعيشون في مخيمات للنازحين داخلياً.
وقال الخبراء والمسؤولون أن عدم إمكانية وصول المساعدات الإنسانية والإجراءات الأمنية المشددة على جانبي الحدود وحالة البؤس المستمرة في ولاية راخين بالترافق مع القيود المفروضة على أنشطة المساعدات الإنسانية عبر الحدود في بنجلاديش يعرض الروهينجا إلى المخاطر المتزايدة وحالات الاستغلال. وقد أظهرت الدراسة الأمنية التي جرت في عام 2013 في المنطقة أن 60 بالمائة ممن شاركوا في الدراسة أشاروا إلى أن الاتجار بالمخدرات هو النشاط الرئيسي عبر الحدود حيث "يقوم الناس الأكثر تهميشاً بتهريب المخدرات لشعورهم بعدم الأمان من الناحية الاقتصادية".
وقال جيرمي دوجلاس، الممثل الإقليمي لجنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ في مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في بانكوك بتايلاند أنه "بالرغم من أننا لسنا متأكدين بأن الروهينجا متورطون في نقل المخدرات عبر الحدود بين ميانمار وبنجلاديش، إلا أن استغلال الناس الضعفاء في الأعمال الخطرة والمتدنية أمر شائع في أنحاء العالم". وأضاف دوجلاس أن "الأمر لا يتعلق بإلقاء اللوم على الروهينجا بسبب تورطهم ولكنه يتعلق بفهم أن ذلك يحدث بسبب ضعفهم ونقص الخيارات الأخرى لديهم للحصول على دخل".
وقالت خالدة بيجام، مسؤولة الإعلام في وزارة الخارجية في بنجلاديش، أن "الروهينجا يضعون ضغوطاً هائلة على الوضع الأمني والبيئي والاقتصادي والاجتماعي الضعيف في كوكس بازار والمناطق المحيطة بها". ويتركز الروهينجا وكذلك القبائل الأصلية التي تسكن التلال في المنطقة الساحلية في منطقة جنوب شرق بنجلاديش المعروفة باسم كوكس بازار. وتعد هذه المنطقة من بين مناطق البلاد التي تضم أعلى مستويات من الأمية والفقر. وقد أدت إزالة الغابات على طول الساحل إلى زيادة تأثير الفيضانات الدورية.
وقالت بيجام أن "بنجلاديش قد أوضحت تماماً أنه نتيجة لتفاقم أوضاع الأمن والقانون والنظام والوضع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في مناطقنا الساحلية فإنه من غير الممكن بالنسبة لنا استيعاب المزيد من تدفق المهاجرين من ميانمار". وقالت وزارة الخارجية أن العمل كان جارياً من أجل التحقق من اللاجئين الروهينجا المسجلين البالغ عددهم 30,000 وإعادتهم إلى وطنهم حتى اندلعت أعمال العنف في راخين وأقفت تلك العملية في يونيو 2012.
وقالت بيجام أنه "من المهم جداً استئناف واكمال عملية إعادة اللاجئين إلى وطنهم حتى يتمكن البلدان من البدء في العمليات القنصلية اللازمة لعودة ملايين المسلمين القادمين من ميانمار من ولاية راخين ولا يحملون وثائق رسمية والذين يقيمون الآن في بنجلاديش". وقد أشارت أيضاً إلى أن "مواصلة حرمان المسلمين في ولاية راخين من حقوق المواطنة والقيود المنهجية المفروضة على معظم حقوقهم وحرياتهم الأساسية" كان العائق الرئيسي في عملية إعادتهم إلى وطنهم.
ويتشابه في بعض الأوجه سجل بنجلاديش في المجال الإنساني بشأن الروهينجا مع سجل ميانمار. ففي أغسطس 2012 أمرت السلطات في بنجلاديش ثلاث منظمات غير حكومية هي منظمة أطباء بلا حدود والعمل ضد الجوع والمعونة الإسلامية البريطانية بوقف تقديم الخدمات الإنسانية إلى اللاجئين الروهينجا الذين لا يحملون وثائق رسمية. وفي وقت لاحق من ذلك العام استغلت السلطات في بنجلاديش ادعاءات أن الروهينجا مسؤولون عن الهجوم العنيف على المنازل والمعابد البوذية في منطقة كوكس بازار لتبرير عمليات الاعتقال الواسعة التي قامت بها السلطات في بنجلاديش.
وقال مختار حسين، رئيس الشرطة في تكناف، وهي مدينة في جنوب بنجلاديش بالقرب من مخيمين للاجئين المسجلين أن "عمليات اعتقال المسلمين الروهينجا الذين عبروا الحدود أو حاولوا العبور إلى بنجلاديش هو عمل روتيني. فنحن نلقي القبض على ما يتراوح ما بين واحد إلى خمسة من الروهينجا من بنجلاديش يومياً". والإجراء المتعارف عليه هو رفع دعوى في المحكمة بسبب الهجرة غير الشرعية ولكنه قال "نقوم أيضاً بتسليمهم إلى قوات حرس حدود بنجلاديش للتصدي لهم".
وقال محمد اسلام وهو لاجئ من الروهينجا يعيش في بنجلاديش وكان في السابق رئيساً لمخيم نويابارا روهينجا في كوكس بازار: "لن أنكر الادعاءات التي تشير إلى استخدام الروهينجا كأدوات لنقل المخدرات (يابا) ولكن ذلك يحدث بأعداد قليلة جداً. بعض الروهينجا يتورطون في الاتجار بالمخدرات بدافع الفقر ولكسب بعض المال. فالروهينجا في بورما يعيشون في ورطة حيث يموتون هناك نتيجة نقص الغذاء والخدمات الأساسية".
وقال رفيق الإسلام رئيس الشرطة في بلدة نايخانجهاري وهي بلدة على حدود بنجلاديش أن الشرطة هناك قامت بالقبض على أشخاص يعبرون الحدود وبحوزتهم ما يقرب من 2,000 إلى 20,000 قرص يابا. وأضاف أنه "أثناء الاستجواب أشار المقبوض عليهم إلى حصولهم على مبالغ مختلفة من المال تتراوح ما بين 500 إلى 10,000 تاكا (6.5 إلى 130 دولار) تدفع إليهم مقابل حمل اليابا في كل مرة". وقد حذر شودري أبرار، أستاذ العلاقات الدولية ومنسق وحدة بحوث حركات الهجرة واللاجئين في جامعة دكا، من أن اتهام الروهينجا بأنهم مهربو مخدرات لابد وأن ينظر إليه في سياق سياسي.
وقال أبرار أن "الادعاء باستخدام الروهينجا في نقل اليابا هو جانب واحد من القصة التي ترويها الحكومة في بنجلاديش. ولكن في بعض الحالات التي يتم فيها استخدام الروهينجا في نقل المخدرات نظراً لعدم توفر مأوى لديهم على جانبي الحدود وحاجتهم إلى الاتجار بالمخدرات لكسب بعض المال، هو ما يعني أنهم معرضون لخطر أشد". بحسب شبكة إيرين.
وأشار دوجلاس، الممثل الإقليمي لجنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ في مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، إلى أن "شبكات الاتجار بالمخدرات منظمة تنظيماً جيداً ومموله بشكل جيد أيضاً وهم يستخدمون الناس الذين ليس لديهم ما يفقدونه للانخراط في عمليات في مناطق حدودية خطرة وهذا ما يبدو أنه يحدث بين بنجلاديش وميانمار".
مشاركة الكاتب / عبدالقدوس