ليس من المعتاد أن يشاهد السعوديون وغيرهم أميرا من الذين يُعرفون بأمراء الصف الثاني على رأس التمثيل الرسمي في استقبال زعماء الدول؛ لأن قاعدة بروتوكولات البلاط الملكي السعودي تحض على تواجد الملك، أو ولي العهد، أو النائب الثاني "إن وجد"… وآخر الأمر أمير المنطقة.
ذلك الأمر كان حاضرا على أرض مطار الملك عبد العزيز الدولي بمدينة جدة، العاصمة الصيفية للحكومة السعودية، حيث وصل العاهل المغربي الملك محمد السادس على رأس وفد رفيع لزيارة المملكة وهي زيارته الأولى الرسمية منذ توليه عرش بلاده في 1999.
وإن كانت المراسم الملكية في السعودية تقتضي أن يكون الملك على رأس مستقبلي الزعماء في زياراتهم الرسمية، ولو من داخل قاعة الاستقبال، إلا أن ظروفه الصحية لم تساعده على الترحيب بالملك المغربي القادم ومعه خزائن الاقتصاد للاستثمار في بلاده، وتنقصه مفاتيح المال السعودي.
كذلك، وفي ظل غياب ولي العهد الأمير سلمان الذي يتمتع بإجازته الخاصة على أراضي المملكة المغربية، وعدم وجود الرجل الثالث، لم يكن في قاموس البروتوكولات السعودية سوى أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل الأكبر سنا بين أحفاد الملك المؤسس للدولة السعودية الحديثة عبد العزيز آل سعود.
ظهور الأمير خالد – وهو ابن الملك فيصل -على رأس المستقبلين في وفد يضم كبار أركان الدولة ومساعدي الملك مع غياب واضح لوزير الداخلية الأمير أحمد بن عبد العزيز – الذي يعد بمثابة أمير أمراء المناطق كما تحتم عليه حقيبته الوزارية التي يحملها – لم يكن عاديا، ولا ينبغي التعاطي معه سطحيا، حيث تتضح من ذلك المسؤوليات الكبرى التي يتداولها كبار أبناء الملك عبد العزيز وغيبت معها وجود البديل في بلد متعدد الأطراف وسط شرق أوسط متحرك.
تلك الصورة والمعطيات تؤكد الروايات والتقارير التي توصي بضرورة الحاجة السريعة إلى إصلاحات في السعودية، وهي المملكة غير الدستورية ويشرف فيها الملك على كافة السلطات، دون تفويض مهمات بعينها لآخر، ويحتفظ بعض من كبار أبناء الملك المؤسس بمناصب كبرى وهم في سن متقدمة من العمر.
ووسط غياب التوقعات عمّا سيكون عليه المستقبل في مملكة النفط الكبرى يبدو أن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز والمعروف بملك الإصلاح في بلاده لديه الفرصة الكبرى لدخول التاريخ في سجل دولتهم الثالثة الحديثة.
فما كان بالأمس غير صالح للتطبيق اليوم، فالظروف تتغير، والأعمار تتزايد وتقترب من الهِرم، وليس أمام السعودية للحفاظ على ما صنعته سوى دعم حضور الشباب من أمراء الصفوف الخلفية، وخاصة من يبرزون خلف الأبناء والمتصفين بمسمى الأمراء الملكيين من أحفاد وأبنائهم.
السعودية خلال عام فقط فقدت أبرز اسمين في القصر الملكي ويعدان من أعمدة القوة في الأسرة الحاكمة، وهما الأمير سلطان بن عبد العزيز وشقيقه الأمير نايف، حيث توفيا وهما في منصب ولاية العهد، نتيجة لأمراض كبر السن التي جعلت مناصب الدولة الكبرى في غياهب التكهنات والتوقعات السوداء والبيضاء.
ووفقا لما تشير إليه المصادر قد يكون هذا الشهر الذي تستعد فيه السعودية عادة لاستقبال حجاج البيت الحرام في مدينة مكة مفتاحا للتغيير دون معرفة ما قد تؤول إليه ومن هم الظافرون بالحقائب المتداولة، أو التغيير في أنظمة الحكم والمناطق والشورى التي لم تتغير منذ تأسيس العاهل السعودي الراحل الملك فهد لها في 1992، وسط تغيير طفيف في نظام الشورى بأمر الملك عبد الله في 2011 بدخول المرأة عضوا في المجلس.
وسيكون ضمن ما يشاع داخل القصور الكبرى والصغرى في السعودية تعيين لوزير جديد يحمل عبء الخارجية الذي أرهق عرابها ورجل الملفات السعودية الحاسمة الأمير سعود الفيصل، الذي يغيب منذ أكثر من ثلاثة أشهر بعد عملية جراحية أفقدت الدبلوماسية السعودية بريقها.
مشاركة العضو / عادل الفالح