يشهد الاردن اجواء مشحونة مع ترقب انطلاق مسيرة ضخمة للحركة الاسلامية تطالب بالاصلاح الجمعة بالتوازي مع مسيرة موالية للنظام يتوقع ان يشارك بها نحو 200 الفا، فيما يبدو معركة “كسر عظم” بين الجانبين كما يرى محللون.
وتوقع الاسلاميون مشاركة 50 الفا في مسيرة “جمعة انقاذ الوطن” انطلاقا من الجامع الحسيني وحتى ساحة النخيل (مسافة نحو 1 كم) وسط عمان، فيما اعلن منظمو مسيرة “الولاء والانتماء” حشد 200 الف شخص في ذات المكان والتوقيت. ويقول زكي بني ارشيد، نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن، لوكالة فرانس برس “مسيرتنا الحاشدة ستكون حضارية هادفة وسلمية وملتزمة نحن لا نتحدى احدا ولا نستفز احدا”.
واضاف انها “تأتي لتأكيد مطالبنا التي تتضمن قانونا انتخابيا، عصريا وعادلا، ومكافحة جدية للفساد واصلاحات دستورية تفضي الى حكومة ومجلسي نواب واعيان منتخبين”. وانتقد بني ارشيد بشدة “الاشاعات الاستفزازية” معتبرا “كل من يطلق اشاعات حول تسميات مختلفة للمسيرة او شعارات تنادي باسقاط النظام او تنحي الملك جهات مشبوهة تحاول صناعة ازمة وتوتير المجتمع”.
واكد ان الحركة الاسلامية “رفعت منذ بداية الحراك الشعبي قبل نحو عامين شعار اصلاح النظام وهو منطلق من رؤية وتصور سياسي يقدر مصالح الاردن العليا ونلتزم بهذه السياسيات”. واعتبر انها “سياسات راشدة تستوجب خطوات ايجابية من النظام ووقف ماكينة الاشاعات وشيطنة الحركة الاسلامية والتحريض والتجييش بين مكونات المجتمع”.
من جانبه قال عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية، لفرانس برس “هذه المرة ليست استعراض عضلات وانما محاولة كسر عظم وهذا خطير بالمعنى السياسي والأمني”. واضاف ان “الاسلاميين قادوا مظاهرات عديدة كانت سلمية وضمن اطار القانون ومظاهرة الجمعة ليست استثناءا”، ورأى انها “احيطت بكثير من الاشاعات والتحريض والشيطنة بان الاخوان يتحضرون للتظاهر والصدام مع الأمن”.
ويتفق المحلل السياسي لبيب قمحاوي مع الرنتاوي ويرى في تزامن مسيرتي الجمعة “معركة كسر عظم” تهدف الى افتعال ازمة. ويقول ان “الحكومة تسعى الى تأزيم الوضع عبر تجييش اعلامي هائل ضد الاخوان، واختيار نفس المكان والزمان لمسيرة مضادة يهدف الى افتعال ازمة”.
واشار الى انها “معركة كسر عظم مع الاخوان لان المسيرة المناوئة ستضم عناصر من الدولة بلباس مدني تستطيع القيام باعمال عنف ثم تتنصل الدولة وتقول ان لا علاقة لها بالامر وان هذه قوة سياسية مختلفة تتقاتل ومستقبلا تمنع المسيرات”. ورأى ان “هناك احتمالا آخر بان يمنع وزير الداخلية المسيرتين بحجة منع العنف، والهدف الاساسي طبعا منع مسيرة الاخوان”.
وما فاقم المخاوف من وقوع صدامات الجمعة نقل صحيفة “الرأي” الحكومية عن مصادر مطلعة الاثنين قولها ان قوات الامن العام والدرك “لن تتواجد في مكان المسيرتين خوفا من ان يحسب ان الامن العام وقف مع جهة ضد جهة اخرى”. وهو ما اعتبره الرنتاوي “شائعة مقلقة”، لكنه اضاف “لا اعتقد ان الامن سيتخلى عن وظيفته وواجبه فهو ادى وظيفته باقتدار خلال العامين الماضيين في جميع الاحتجاجات وهذا حسب له، فلماذا نخسر هذه الصورة؟”.
اما قمحاوي فرأى ان “التهديد بعدم وجود قوات الأمن هو دعوة الى فوضى واقتتال وتخويف للراغبين بالمشاركة في مسيرة الاخوان من احتمال الصدام”. ويشهد الاردن منذ كانون الثاني/يناير 2011 تظاهرات ونشاطات احتجاجية سلمية تطالب باصلاحات سياسية واقتصادية ومكافحة الفساد تجاوز عددها 9 آلاف، وفقا لمصدر امني.
من جانبهم، اعلن منظمو مسيرة “الولاء والانتماء” تخصيص 113 حافلة كبيرة لنقل المشاركين من المحافظات الى عمان وتوزيع آلاف القبعات والقمصان التي تحمل صور الملك عبد الله الثاني. ويتوقع جهاد الشيخ، وهو احد منظمي المسيرة وصاحب صفحة “شباب الولاء والانتماء للوطن ولقائد الوطن” على موقع فيسبوك، مشاركة “200 الف شخص بالمسيرة تأييدا لجهود جلالة الملك الاصلاحية”.
واضاف ان “اهداف مسيرة الاخوان مشبوهة، هم يسعون للصدام ويجب على شعبنا وكل من يهمه مصلحة الاردن ان يقف في وجههم ويضع حدا لهم”. واشار الى ان “طريقة حشدهم وتصريحاتهم والمسميات التي سمعناها للمسيرة +الزحف المقدس+ و+معركة بدر+ كانت مستفزة جدا هذه المرة”. واعتبر الشيخ انها “مسيرة مختلفة عن جميع المسيرات الاخرى خصوصا مع اقتراب موعد الانتخابات ورفضهم قانون الانتخاب واتضاح ارتباطهم باجندات خارجية وتلقيهم تعليمات من الاخوان في مصر بالتصعيد”.
وكانت الحركة الاسلامية اعلنت مقاطعتها الانتخابات النيابية المؤمل اجراؤها نهاية العام الحالي “لعدم وجود رغبة حقيقية في الاصلاح”. واعتبر عاهل الاردن في 12 ايلول/سبتمبر في مقابلة مع فرانس برس ان الاسلاميين يسيئون تقدير حساباتهم بشكل كبير عبر مقاطعتهم الانتخابات. وبلغ عدد الناخبين المسجلين للمشاركة في الانتخابات المقبلة منذ مطلع آب/اغسطس وحتى الآن، مع تمديد فترات التسجيل، نحو 1,9 مليون من نحو ثلاثة ملايين شخص يحق لهم التصويت من اجمالي عدد السكان البالغ 6,8 مليون نسمة.
مشاركة العضو / فادي