كشفت محامية الفتاة التونسية المغتصبة من قبل رجال أمن، آمنة الزهروني، أن وضع موكلتها ''سيئ جداً''، وأنها حاولت الانتحار خاصة بعد أن برر المتحدث باسم وزير الداخلية التونسي الفعل بكون موكلتها كانت في ''وضع غير أخلاقي''.
وقالت الفتاة لمحاميتها: ''شعرت أنه تم اغتصابي مرة ثانية''، مشيرةً إلى الطريقة التي تعامل بها بعض المسؤولين مع قضيتها. وأكدت الزهروني أن موكلتها تعرضت للتهديد من قبل أفراد عاديين من الشارع، وليسوا من الشرطة التي قبلت شكواها ليلة الحادثة وسجلت محضرا بها، هؤلاء الناس حاولوا أن يقلقوها لتسحب شكواها.
وأوضحت المحامية أن أعوان الشرطة ناكرون لفعلتهم، رغم أن كل الأدلة والقرائن ضدهم، مبينةً أنه تم الاعتداء على موكلتها في ليل 3 و4 سبتمبر، وتم إيقاف أعوان الأمن وإحالتهم إلى قاضي التحقيق بجريمة ''مواقعة أنثى دون رضاها''، وبتهمة الارتشاء بالنسبة لأحدهم.
وأضافت الزهروني أنه وخلال التحقيقات ارتأى قاضي التحقيق أن يرجع الملف إلى النيابة العامة لإضافة تهمة ثانية هي ''التجاهر عمداً بفحش''. واعتبرت أن الأركان القانونية لهذه التهمة غير متوفرة وهي بذلك غير قائمة. وقالت المحامية إن تقرير الطبيب الشرعي يتحدث عن آثار عنف على جهاز موكلتها التناسلي، كما أشار التقرير إلى وجود السائل المنوي لأحد أفراد الشرطة في سيارة الفتاة ووجود (مني) ثانٍ في سيارة الشرطة ووجود (مني) ثالث في لباس الفتاة الداخلي.
وأكدت الزهروني أن كاميرات مراقبة إحدى الصرفات الآلية صورت مرافقة أحد أعيان الشرطة المتهمين لخطيب الفتاة بهدف سحب مبلغ 300 دينار (200 دولار أمريكي) الذي قد طلبه رجال الشرطة ليلة الحادثة من الشاب لتفادي تلفيق قضية أخلاق له ولخطيبته.
فيما أثار توجيه القضاء التونسي تهمة “التجاهر عمدا بعمل فاحش” إلى فتاة اغتصبها شرطيان، استياء وغضب حقوقيين وجمعيات نسائية ونشطاء انترنت، اتهموا حركة النهضة الاسلامية الحاكمة بعدم الاكتراث بحقوق النساء في تونس. وفي 4 أيلول/سبتمبر اعتقلت السلطات ثلاثة شرطيين، اثنان اتهما باغتصاب الفتاة داخل سيارتها في ساعة متأخرة من ليل 3 أيلول/سبتمبر، والثالث ب”الابتزاز” المالي لشاب كان برفقتها.
وأعلنت وزارة الداخلية ان الشاب “صديق” للفتاة، فيما ذكرت جمعيات حقوقية ونسائية انه “خطيبها” وقالت إن الشرطي الثالث وضع الاغلال في يديه ساعة اغتصاب زميليه للضحية. ويتبع الشرطيون الثلاثة مديرية الأمن الوطني بمنطقة “حدائق قرطاج” القريبة من قصر الرئيس التونسي وسط العاصمة. وأفادت ست جمعيات بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان (مستقلة) والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب (غير حكومية)، في بيان مشترك إن قاضي التحقيق استدعى الأربعاء الفتاة و”خطيبها” لاجراء مواجهة بينهما وبين الشرطيين الثلاثة، وللتحقيق معهما في تهمة “التجاهر عمدا بفحش” التي تصل عقوبتها في القانون التونسي إلى السجن 6 أشهر نافذة.
واعتبرت الجمعيات أن توجيه هذه التهمة لفتاة ورفيقها “يجعل من الضحية متهمة” بهدف “تحميلها مسؤولية الجريمة التي مورست ضدها (..) وترويعها واجبارها هي وخطيبها عن التنازل عن حقهما في التقاضي وثني غيرهما من ضحايا هذه الممارسات عن التشكي”.
وطالبت الجمعيات ب”إيقاف كل الضغوط المسلطة على الضحيتين والابتعاد عن كل أساليب التشفي والترهيب”.
ودعت “جميع ناشطات وناشطي المجتمع المدني الذين يؤمنون بالحقوق الإنسانية للنساء وبمناهضة العنف ضدهن للتجند للوقوف والتضامن مع هذه المواطنة حتى ينصفها قضاء تونسي نريده مستقلا”.
وكان خالد طروش الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية أعلن في مؤتمر صحافي أن الشرطة ضبطت الفتاة مع صديقها في سيارة وهما في “وضع غير اخلاقي” ما أثار موجة انتقادات. وقالت الجمعيات “نعتبر تصريحات الناطق الرسمي باسم الداخلية تبريرا للعنف لا يمكن قبوله، وأن ما تتعرض له الضحية حاليا هو عنف مضاعف يضرب ابسط الحقوق الانسانية”.
وتابعت “في هذه الظروف التي تمر بها البلاد، نتساءل عن جدية الحكومة في تنفيذ الخطة الوطنية للوقاية من العنف المسلط على النساء ومدى استيعاب هذه الخطة من طرف جميع المتدخلين من مؤسسات حكومية ومجتمع مدني”. وبحسب منظمات المجتمع المدني، فقد تم تأجيل الاستماع إلى الفتاة ورفيقها إلى الثاني من تشرين الاول/أكتوبر القادم. وأطلق نشطاء انترنت حملة “تضامنية” مع الفتاة دعوا فيها الى التظاهر في التاريخ نفسه أمام المحكمة الابتدائية بالعاصمة تونس. ووصف هؤلاء وزارة الداخلية تهكما ب”وزارة الاغتصاب الشرعي” ونشروا على صفحات الفيسبوك تعاليق عدة مثل “هي اغتصبوها ثم اتهموها” و”اصمتوا، الشرطة تغتصب التونسيات”.
ودعت كريمة سويد نائبة المجلس الوطني التأسيسي عن حزب “التكتل” اليساري، شريك حركة النهضة الاسلامية في الائتلاف الثلاثي الحاكم، حزبها إلى التوقف عن مساندة الحكومة، وكتبت على صفحتها الخاصة في الفيسبوك “ان قضية الاغتصاب واتهام الضحية كانت القطرة التي أفاضت الكأس”.
وتشتكي تونسيات من مضايقات الشرطة لهن منذ وصول حركة النهضة الاسلامية إلى الحكم، وتولي علي العريض القيادي في الحركة وزارة الداخلية. واتهم معارضون الشرطة التونسية بالتحول إلى “شرطة دينية للامر بالمعروف والنهي عن المنكر” منذ وصول النهضة إلى الحكم. وفي يوليو/تموز الماضي أعلنت المترجمة وعارضة الازياء رأفة العيادي ان شرطة حدائق قرطاج اعتقلتها في ساعة متأخرة من الليل عندما كانت عائدة إلى منزلها في سيارة أجرة، و”اعتدت عليها بالعنف اللفظي ووصفتها بأبشع النعوت وانتقدت طريقة لباسها وقيدتها بالأغلال وأجبرتها على التوقيع على محضر دون السماح لها بقراءته” قبل إطلاق سراحها.
وأوضحت المترجمة أنها قررت مع فتيات تعرضن لاعتداءات مماثلة من قبل الشرطة رفع “ملف” بهذا الشأن إلى المجلس الوطني التأسيسي الذي يعكف على صياغة دستور جديد للبلاد. وتحظى المراة في تونس بوضع حقوقي فريد من نوعه في العالم العربي بفضل “مجلة (قانون) الأحوال الشخصية” التي أصدرها الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة في 13 آب/أغسطس 1956 ولا يزال معمولا بها إلى اليوم.
وسحبت هذه المجلة القوامة من الرجل وجرمت الزواج العرفي وإكراه الفتاة على الزواج من قبل ولي أمرها، وتعدد الزوجات (رغم أن الاسلام يبيح للرجل الزواج باربع نساء) وجعلت الطلاق بيد القضاء بعدما كان بيد الرجل ينطق به شفويا متى يشاء. وفي 14 آب/أغسطس الفائت تظاهر الآلاف في مدن تونسية للدفاع عن المكاسب الحداثية التي تحققت للمراة التونسية. وتتهم منظمات حقوقية ونسائية حركة النهضة ذات المرجعية الاسلامية بالسعي الى ضرب المكتسبات الحداثية للمرأة التونسية فيما تنفي الحركة هذه الاتهامات باستمرار .
مشاركة العضوه / فايزة حميد