ويكيليكس العربية

لا يستطيع أحد أن ينكر أنّ المملكة العربيّة السعوديّة تقع اليوم تحت الحماية الأمريكيّة، أو بتعبيرٍ أدقّ: تحت الوصاية الأمريكيّة، حتى باتت المملكة تُوصف بأنّها "محميّة أمريكيّة".


السعوديّة والوصاية الأمريكيّة وحماية الأماكن المقدّسة بل إنّ البعض يعبّر عن وجهة النظر هذه بطريقة أكثر صدقاً وواقعيّة، عندما يقولون: إنّ العلاقة بين البلدين تشابه ـ إلى حد بعيد ـ نمط العلاقات التي تقيمها "المافيا مع زبائنها"، تلك العلاقة التي تعتمد على مبدأ (أنت تدفع وأنا أقوم بحمايتك). 

الوصاية الأمريكيّة على العربيّة السعوديّة تأخذ طابع الوصاية العسكريّة أوّلاً، فالولايات المتّحدة تمتلك "تسهيلات جوّيّة خاصّة" في أراضي المملكة، أي: أنّها تسرح وتمرح كما تشاء، ووقتما تشاء، دون حسيب ولا رقيب، وليس هذا فحسب، بل قد زُرعت القوّات الأمريكيّة في قلب القواعد والمراكز العسكريّة السعوديّة، وهكذا، لتكون كلّ المخطّطات والتحرّكات السعوديّة مفضوحةً ومراقبةً عن كثب. ويُقال ـ أيضاً ـ: إنّ قاعدة الظهران ترتبط ارتباطاً مباشراً بالبنتاغون الأمريكيّ!! 

هذه القواعد الأمريكيّة المغروسة في أراضي المملكة يتواجد عليها عدد كافٍ من الطائرات والعتاد لردع أيّ عدوانٍ محتمل على آبار النفط السعوديّة، التي هي رأس المصالح الأمريكيّة في المنطقة!! فهناك 20 طائرة أواكس، وعدد من طائرات أوريون الخاصّة بالمراقبة، التي هي بمثابة عيون وآذان أمريكيّة مفتوحة في أرجاء المنطقة، من المحيط إلى الخليج!! 

وإذا ما أضفنا إلى ذلك حاملة الطائرات الأمريكيّة التي تتجوّل باستمرار في مياه الخليج، وزهاء عدّة آلاف من الفنّيين الذين ينتشرون في عددٍ من المواقع الهامّة في المملكة، عند ذلك نكون قد كوّنّا فكرةً واضحة تماماً عن متانة القبضة الأمريكيّة في المنطقة. كلّ هذا والسلطات السعوديّة لا تعترف "رسميّاً" بوجود هذه القوّات على أراضيها، والإعلام السعوديّ يُحظّر عليه أن يأتي على ذكرها أصلاً، إلّا بوصفها طائرات متواجدة في الخليج!! 

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوّةٍ هنا، أنّه من هو العدوّ الذي تخافه المملكة وآل سعود، والذي تتولّى الإدارة الأمريكيّة مهمّة حمايتها منه ؟

إنّ هذه الحماية موجّهة أوّلاً ضدّ الشعب السعوديّ، وخوفاً على النظام الاستبداديّ الذي يديره آل سعود من المشاكل والاعتراضات الداخليّة التي يُتوقّع أن تثور ضدّ الأسرة الحاكمة، من منطق أنّه سيكون من الطبيعيّ حينئذٍ أن يراجع الثوّار وأصحاب الانقلابات حساباتهم مرّات عديدة قبل التعرّض لعائلةٍ تقع تحت حماية القوّة العظمى الوحيدة في العالم. 

كما تهدف هذه الحماية، أو الوصاية، ثانياً إلى حماية النظام السعوديّ من جيران المملكة، خشية أن تشتدّ شوكة بعض أُولئك الجيران فيسرقون جزءاً من الدور الإقليميّ الذي يحلم به آل سعود دائماً، وهو دور الوصاية على الشعوب العربيّة والإسلاميّة، ودائماً تحت ذريعة: أنّهم حماة الديار والمقدّسات الإسلاميّة!! 

الخوف من الجيران، ولا سيّما الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، سببه ـ في الأعمّ الأغلب ـ كره في الأعماق، وأحقاد دفينة، تبرز بين الفينة والأُخرى، على خلفيّاتٍ طائفيّة ومذهبيّة أحياناً، ولعوامل سياسيّة استراتيجيّة (أمريكيّة) أحياناً أُخرى، أهمّها: أنّها تشكّل أكبر دولة في المنطقة، وهي ذات حضارة عريقة، وتملك ثروةً بشريّة هائلة؛ إذ يبلغ تعداد سكّانها 7 أضعاف عدد سكّان السعوديّة، وتبشّر طلائع أجيالها الآتية بمستقبلٍ واعد، حيث يعتمد الشعب الإيرانيّ ـ غالباً ـ على كفاءته الذاتيّة، ولا يرهن نفسه ومصير بلاده لمنتجات الحضارة الغربيّة التي يتمّ تصديرها إلى دول المنطقة، وهو يخوض في كلّ يومٍ غماراً جديداً من مجالات التقنيّة والتقدّم العلميّ، كما أنّ أراضي الجمهوريّة الإسلاميّة مليئة بالثروات والموارد الطبيعيّة التي إذا ما أحسن استغلالها بمقدورها أن تجعل منها قوّةً إقليميّة كبيرة. 

والأهمّ من ذلك كلّه، السياسات المعادية للصهيونيّة وللمشاريع التوسّعيّة الأمريكيّة التي تتبنّاها إيران منذ انتصار الثورة، والتي تشكّل نهجاً مغايراً تماماً لسياسات "الاعتدال" والاستسلام التي تتبنّاها غالبيّة الدول العربيّة، تلك السياسات التي لم تجرّ الأمّة العربيّة والإسلاميّة إلّا نحو المزيد من التقزّم والانبطاح والانبهار بكلّ ما هو آتٍ من ناحية الغرب، ما أسهم أكثر فأكثر في إغراق الشعوب العربيّة في مستنقع اليأس والفشل. 

ولو لم يكن في هذه الوصاية الأمريكيّة على السعوديّة إلّا ارتباط أسرة آل سعود بهذه الإدارة المتشيطنة الساعية إلى السيطرة على العالم كلّه لكفى في إبطال الادّعاءات الدينيّة التي يدّعيها آل سعود؛ إذ كيف لأسرة بمثل هذا الفساد، ولها هذا الارتباط بالشيطان الأمريكيّ، أن تدّعي حماية الأماكن المقدّسة؟! 

وللاسف ان السعودية ممثلة في كلمة ( يقولون ما لا يفعلون ) !!

ويكيليكس العربية

فقد عقدت جلسة في المملكة العربية السعوديّة بين الدّول الإسلاميّة باسم ـ التضامن الإسلامي ـ. تُعنى هذه الجلسة بالشّؤون السياسيّة للمسلمين في العالم، وكذلك فيما يخصّ أوضاعهم الدّينيّة والإقتصاديّة والأمنيّة وغيرها من الحاجات الإنسانيّة والمعيشيّة.

يقولون ما لا يفعلونوأهمّ ما يجب أن يبحث في هذه الجلسة وأمثالها، هو كيفيّة الحوار بين مختلف المذاهب الإسلاميّة وتيّاراتها، حيث إنّ الأمّة الإسلاميّة رغم كلّ الضغوطات الخارجيّة الممارسة عليها، فإنّها تُعاني مرضاً داخليّاً هو أخطر بكثير من الأمراض الآتية من الغرب والولايات المتّحدة الأمركيّة. والمرض هذا هو الفكر التكفيري المموّل من قبل الصهاينة وأتباعهم وأدواتهم في المنطقة، فإنّ الفكر التكفيري هذا كان السبب في إنتشار الكره والبغضاء والفتنة بين المسلمين، وهو السبب فيما كان يحصل في ـ أفغانستان والباكستان ـ ولا يزال يحصل إلى يومنا هذا، من الإقتتال بين المسلمين وجريان بحرٍ من دماء المسلمين. 

وهذه الظاهرة ـ ظاهرة القتل والفتنة ـ لم تقف عند حدود بلدٍ ما أو في مكانٍ ما، بل إنتشرت إلى حدّ طالت البلدان الإسلاميّة أجمع !

نعم الأوضاع تختلف من بلدٍ إلى بلد شدّة وضعفاً، فلا يمكن مقايسة الوضع في العراق على الوضع الحالي في المملكة العربيّة السعوديّة، ولا مقايسة الوضع في الأردن على الوضع في البحرين، و...! إلّا أنّ نار الفتنة لم تترك بلداً إسلاميّاً إلّا وقد أشعلت البغضاء والقتل والكره بين أبناء الإله الواحد، بين أبناء الدّين الواحد، بين أبناء الحبيب محمّد المصطفى، بين الوطن الواحد. وهذه الظاهرة قد أفرحت الولايات المتّحدة الأمريكيّة والفكر الماثوني، حيث إنّ نشر الفتنة بين المسلمين يضعفهم ويجعل البعض ـ من مَن لا يملك عقيدة راسخة ـ يلجأ إلى طلب العون من الفسقة والفجرة والمستكبرين في العالم، بل الفتنة وحبّ القضاء على الطرف الآخر، جعل البعض ينفّذ كلّ طلبات وأوامر الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وأصبح أداة في أيدي الغرب تحرّكه كيفما شاءت. 

ومن هنا وحرصاً على الوحدة الإسلاميّة ومصالح المسلمين في العالم، أطلّ علينا فخامة الملك السعودي في الجلسة الإفتتاحيّة من قمّة التضامن الإسلاميّ، ليركّز على ضرورة فتح قناوات تحاورٍ بين مختلف المذاهب الإسلاميّة تكون قائمة على الحوار الحرّ والمنطقي وإحترام الآخر، دون تكفير كلّ واحد الآخر. مضافاً إلى ضرورة الوقوف في وجه كلّ الذين يريدون الشرّ بالإسلام والمسلمين، فإنّ المسلمين واجبهم الوقوف يداً واحدة لدفع شرّ الأعداء، وحماية مصالح كافة المسلمين على إختلاف مذاهبهم وتفكيرهم. 

لكن كلام الملك السعودي في الجلسة هذه إمّا أنّه كلام صادر على خلاف قناعة صاحبه، وإمّا أنّ الكلام هذا هو موافق لمعتقدات الملك إلّا أنّ أفعاله التي يمارسها في ـ مملكته وفي سوريا والبحرين ـ وغيرهما من الدّول الإسلاميّة هي خلاف قناعته، وإمّا أنّه أصبح في سنٍّ لا يدرك معه ما يقول ويفعل! والإحتمالات الثلاثة توقع الأمّة الإسلاميّة في كارثة كبرى: 

أمّا الإحتمال الأوّل: فإن كان هو المصيب والحقّ فإنّ عقد مثل هذه الجلسات لا فائدة منها وإنّما هي لتضييع الوقت، وتفويت الفرصة على الأخرين الذين يسعون لإجاد حلّ حقيقي للأمّة الإسلاميّة. 

وأمّا الإحتمال الثاني: وهو كون دعمه ودعم بلاده المطلق للإرهابيين والمسلّحين في الجمهوريّة العربيّة السوريّة، وقيام جنوده بأبشع وأفظع أنواع التعذيب في البحرين، هو خلاف قناعته، فأيّ ضغوطٍ هذه التي تجعله يرضى بقتل الأبرياء والأطفال والنساء من المسلمين؟ أيّ شيء هو هذا الذي يمنعه عن معارضة ما يحصل من قيام المرتزقة بإغتصاب النساء من المسلمين وذلك أمام أعين أزواجهم وأولادهم؟ هل هناك مصلحة للمسلمين أهمّ من الدّفاع عن أعراضهم وأرواحهم؟ ما هو ذلك الشيء الذي يجعل الإنسان يتنازل عن قيمه ودينه وكتابه المقدّس ويقدّمه على طبقٍ من ذهب للمستكبرين والفكر الصهيوني؟ 

لا يمكننى في هذا المجال إلّا تصوّر سبب واحد وواضح يجعل الإنسان يقبل العار والذّل والتّنازل عن القيم والمبادئ، وهو حبّ الدّنيا والمال والسلطة، فإنّ هذه الأمور تجعل الإنسان مستعدّاً لقتل أقرب الناس إليه. وأمّا ما يخصّ الإحتمال الثالث: من كونه أصبح في سنّ لا يدرك معه الصواب من الخطأ، فالأفضل له وللأمّة الإسلاميّة أن يسلّم السلطة والحكم إلى مَن هو أعقل منه، بل لا بدّ على العقلاء أن ينزعوا السلطة منه، بدلاً من تدهور المصالح الإسلاميّة، وإكمال مسلسل القتال والدّمار والفتنة بين أبناء الدّين والكتاب الواحد. 

مشاركة العضو / مطر اليوسفي

نبذه عن المجلة : wikileaks-alarabia

أدارة مجلة ويكيليكس العربية , تتمنى للجميع قراءة ممتعه متمنية من القارئ و الزائر !! قبل الاستنتاج لابد لك ان تعرف اهداف وتوجهات المجلة فموقعنا كأي موقع اخباري ولكننا نتميز عن غيرنا بعدم حذف الجمل والحروف الناقصة والتي دائما ما تجدها محذوفة في اغلب الصحف الاخبارية والقنوات الاعلامية !!!
«
التالي
رسالة أحدث
»
السابق
رسالة أقدم