سوناتا الاعتقال !
لا يشير الشاعر السوري فرج بيرقدار إلى كتاب "الخروج إلى النهار" الشهير بكتاب الموتي في مصر القديمة إذ ينادى الميت باسمه "انهض فلن تفنى. لقد نوديت باسمك. لقد بعثت" حين يصف عملية تجريد المعتقل السياسي من اسمه في ظل نظام تتشابه فيه كلمتا "سوريا وسوريالية" حيث العبث واللا منطق هو النظام العام.
ويقول إن سلطات الاعتقال أعطتهم في البداية أرقاما فكان هو "السجين رقم 13" ثم أعطوه اسما حركيا هو "سيف أحمد" وبعد أن فرح بالاسم الحركي تبين له أنه فخ إذ لا يوجد شيء يدل على اسمه الحقيقي ولو مات فلن يكون في السجلات "أي شيء حقيقي يدل علي".
وبيرقدار الذي ولد عام 1951 اعتقل للمرة الأولى عام 1978 بسبب مشاركته في إصدار مطبوعة أدبية في جامعة دمشق ثم اعتقل عام 1987 لانتمائه لحزب العمل الشيوعي وبعد ست سنوات أحيل إلى محكمة استثنائية هي محكمة أمن الدولة العليا في دمشق التي قضت بسجنه 15 عاما مع الأشغال الشاقة والحرمان من الحقوق المدنية والسياسية وبعد 14 عاما من الاعتقال نجحت حملة دولية في دفع السلطات السورية للإفراج عنه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2000.
ويسجل المؤلف تجربته في كتاب "خيانات اللغة والصمت.. تغريبتي في سجون المخابرات السورية" قائلا إنه في سنوات الاعتقال الست الأولى كان "مقطوعا عن العالم الخارجي محروما من الزيارات والأقلام والأوراق والراديو" إلى أن قدم مرافعته أمام محكمة أمن الدولة العليا عام 1993 فقضت بسجنه 15 عاما. والكتاب الذي يقع في 182 صفحة متوسطة القطع أصدرته "دار الجديد" في بيروت ويتزامن مع تواصل الاحتجاجات الشعبية في عموم البلاد منذ أكثر من 17 شهرا والمطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
وصدر للمؤلف عام 1997 خلال الاعتقال ديوان "حمامة مطلقة الجناحين" وصدر له العام الجاري ديوان "أنقاض" الذي كتب قصائده في فترة الاعتقال. ويقول بيرقدار في كتابه "خيانات اللغة والصمت.. تغريبتي في سجون المخابرات السورية" إن الشعر كان سببا في حمايته وتحريره وإنه أدرك أن الشعر "طائر الحرية الأجمل. هو التمرين الأقصى على الحرية. وبصيغة أخرى هو ما ليس قابلا للأسر" وإنه لو لم يكن شاعرا لانهزم في المعتقل.
وفي فصل عنوانه "حمامتان وقمر وثلج أيضا" يقول إن تجربة الاعتقال جعلته يعيد اكتشاف الأشياء والأدوات الأولى مثل إنسان ما قبل التاريخ في اكتشافه الألوان والخبز والخوف والنسيان والجنون والثياب. وعلى سبيل المثال خرج من سجن تدمر بذكرى وحيدة إذ كانوا يرون من إحدى الفتحات الجزء العلوى لشجرتين متجاورتين "تتهادل عليهما وقت الأصيل حمامتان عاشقتان واحدة أكثر سوادا من آلامنا والأخرى أكثر بياضا من أحلامنا."
ويستدرك "يا إلهي.. لقد نسيت ذكرى ثانية لا تقل جمالا.. القمر. كنا نراه بضع مرات في الشهر عندما ينحني لمستوى الشراقات وهو يعبرها واحدة واحدة متيحا لنا أن نحمله ما نشاء من الرسائل والوصايا." ويقدم المؤلف أنواعا للتعذيب في المعتقلات السورية منها "الشبح على السلم" حيث تربط قدما السجين بالحبال ويتدلى جسده مقلوبا ويتم التحقيق معه وانتزاع الاعترافات على وقع سياط تسلخ جلده. كما يعذب السجين بالصعق الكهربائي في الأذنين أو الشفتين أو العضو التناسلي.
ويروي أن مدير السجن التقى بالسجناء فأخبره أحدهم أنه معتقل منذ تسع سنوات رغم حكم قضائي بالبراءة ومنذ عامين حوكم مرة ثانية ونال أيضا حكما بالبراءة ولكن السلطات لا تخلي سبيله فما كان من مدير السجن إلا أن أخذ وضع من يلقي خطابا وقال "يا أبنائي. كونوا على ثقة تامة أن كل بريء عندي سيخرج من هذا السجن مهما طال الزمن. نعم سيخرج ولو بعد مئة عام."
ويقول إن الجلاد "لو كان يدرك حقيقة مشاعر الضحية لتمنى أن يكون أي شيء آخر حتى لو كان هذا الشيء هو الضحية نفسها" مشددا على أن أنواع الاغتصاب بما فيها اغتصاب الوطن قابلة للغفران "أما اغتصاب الإنسان كمفهوم. اغتصابه كوجود" فيراه عارا يدعو لما هو أكثر من الخجل.
وفي ملحق عنوانه "دفاع عن الحرية" يورد الكتاب نص مرافعة بيرقدار أمام محكمة أمن الدولة العليا في دمشق عام 1993 والتي سجل فيها أن "القمع السافر والمعمم هو العدالة الوحيدة... إن دولة تعتبر الكلمة فيها جريمة يحاكم عليها المرء هي دولة غير جديرة بالحياة ولا حتى الدفن" كما وجه للقضاة افتراضا "لو فشلت السلطة الحالية بانقلابها عام 1970 لكانت محكمتكم قد حاكمت رموز الانقلاب بتكليف من السلطة السابقة طبعا بوصفهم أعداء لأهداف الدولة-الحزب" في إشارة إلى استيلاء الرئيس السوري السابق حافظ الأسد على الحكم عام 1970.
ويشدد على أنه لا يرى فرقا جوهريا بين كلمتي "سوريا وسوريالية".
ويضيف "إن سلطة جاءت بالعنف يصعب عليها أن تتصور إمكانية إسقاطها بغير العنف... وهل نكذب الآن إذا قلنا إن سيرة عبيد روما تتجدد في سوريا... لقد رأيت بعيني إطلاق النار على رفاق لي أعرف جيدا أن سلاحهم الوحيد الذي كانوا يحملونه هو الجريدة أو البيان... فأية كوابيس هذه التي أسميها بلادي؟". ويقول "إنه حتى الأجيال التي ستولد في سوريا مستقبلا ستطرق الرأس خجلا كلما توقفت أمام هذه الصفحات السوداء من تاريخ سوريا." -
واللاجئون السوريين يعلونوها لأول مرة ( سوريا أرحم لـنـا ) ؟
ويشير التقرير ان الاردن استقبلت في الايام القليلة الماضية اكثر من 5 آلاف لاجىء سوري لكنها في الوقت نفسه قامت بترحيل 200 شاب قالت إنهم وراء أعمال الشغب التي قام بها لاجئون مساء يوم الثلاثاء الماضي احتجاجا على الأوضاع السيئة في مخيم الزعتري. ويبدو أنت أعمال الشغب التي اصيب على أثرها 24 من عناصر الأمن الاردني كانت القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للأردن التي تعاني من مشاكل جمة في استيعاب العدد الهائل من اللاجئين السوريين.
منطقة صحراوية نائية !
بُعيد المواجهات أغلقت السلطات الأردنية مخيم الزعتري الواقع في محافظة المفرق على بعد 20 كيلومتراً من الحدود السورية في منطقة صحراوية نائية. ويبلغ عدد اللاجئين المسجلين في المخيم 24,000 نسمة، بينما يـُقدّر إجمالي عدد السوريين في الأردن بحوالي 100,000 نسمة. وفقا لما تقوله الناشطة السورية تيماء الحاج حسين المقيمة في الأردن فإن المخيم الرئيسي لاستيعاب السوريين مغلق الآن ويمنع الخروج منه أو الدخول إليه بصحبة كاميرات أو هواتف نقالة وفقا للأخبار التي وردتها من أقارب لها زاروا المخيم.
"ما رآه أقربائي هو حالة من البؤس الشديد في مخيم في صحراء قاحلة تحت حرارة مرتفعة، ووجبات آكل تصل باردة إذا وصلت". وفقا للناشطة فإن عددا من الجمعيات الأردنية توفر الخدمات في المخيم إلى جانب الأمم المتحدة: "ما وردني هو أن عدداً من الجمعيات الخيرية الأردنية بتوجهات دينية تنشط في تقديم الخدمات منها جمعية أهل الكتاب والسنة، وجمعية السنابل الخيرية...وأن الأهالي يعانون من انتشار أمراض الربو والأمراض التنفسية بين الأطفال".
عبء كبير !
يرى الصحفي والمحلل الأردني أسامة الشريف أن قضية اللاجئين السوريين باتت عبئا كبيرا لا يمكن للأردن أن يحمله بدون مساعدة الجهات الخارجية. "هنالك نقص في المياه مثلا، ولولا المساعدات الخليجية للهيئات الخيرية لما كان بالإمكان إطعام أكثر من 20,000 لاجىء. ومع بدء العام الدراسي الجديد هنالك حديث عن 17,000 طالب سوري لاجىء لاستيعابهم في المدارس الأردنية".
حول الموقف الرسمي الأردني تجاه اللاجئين السوريين يقول الشريف "الموقف الرسمي الأردني كما عبر عنه وزير الخارجية ناصر جودة يوم أمس في جلسة الأمم المتحدة هو أن الأردن لا يزال جاهزا ومستعدا لاستقبال اللاجئين السورين لكن أفواج اللاجئين تزداد بمعدل 3 إلى 5 ألف لاجئ يوميا مما يلقي بأعباء على الحكومة الأردنية لاستيعاب هذا العدد الكبير".
ولمح الوزير في خطابه إلى أن الأردن قد يضطر لإغلاق الحدود أو فرض قيود على عدد اللاجئين القادمين.
وحول أسباب إغلاق المخيم في الأيام الثلاثة الماضية يقول الشريف: "هنالك أكثر من جهة مسؤولة عن إدارة المخيم منها الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، والمفوضية العليا للاجئين. هنالك تضارب في المسؤوليات وكيف يتم تقديم الخدمات في المخيم. ويبدو أن أحد ظواهر عدم التنسيق هو اللجوء إلى إغلاق المخيم ومنع الإعلاميين دخوله، واللاجئين الخروج منه".
مواجهات !
كانت الأوضاع السيئة التي يعيشها اللاجئون السوريون سببا في انتفاضة شباب من المخيم ضد قوات الأمن الأردني ورشقهم بالحجارة مما أسفر عن إصابة 24 من قوات الأمن بجروح ولم تذكر التقارير اعداد المصابين على الجانب السوري.
تقول الناشطة تيماء الحاج حسين إن بعض السوريين يطالبون بالعودة إلى سوريا "إلا أن الحكومة الأردنية تمنع عودة الشباب". وأبدت الحاج حسين تفهمها لهذه المطالب لأنهم "يعتقدون أن الأوضاع في سوريا مهما كانت سيئة تبقى أفضل من هكذا مخيم"، على حدّ قولها. وتضيف الناشطة: "يوم أمس الخميس تم ترحيل 200 رجل لاجئ ولا من أحد يعرف ظروف ترحيلهم ولا المعابر التي مروا منها، وهنالك تعتيم كامل على القضية".
واعتبرت الناشطة السورية عملية الترحيل عقوبة جماعية بسبب احتجاج اللاجئين على أوضاعهم في المخيم.
من جانب آخر تعتقد حسين أن المواجهات الأخيرة في المفرق مست بتعاطف الشعب الأردني مع قضية اللاجئين وأن الضيافة الاردنية لم تستحمل أن يضرب بعض اللاجئين الأمن الأردني.
الاخوان المسلمون !
لكن المحلل السياسي الأردني اسامة الشريف يؤكد أن عملية الترحيل جاءت على خلفية التورط في إثارة الشغب في المخيم، مضيفاً أنهم في الحقيقة لم يرحلوا قسريا من قبل السلطات الأردنية.
بدورها انتقدت حركة الإخوان المسلمين في الأردن خطوة الترحيل ونشرت بيانا جاء فيه: "ان المعالجة التي مارستها اجهزة الحكومة الامنية لا تليق بالاردن ولا تتفق مع اخلاق الشعب الاردني ومشاعرة النبيلة وواجباته الشرعية تجاه اخوّة الدين والعقيدة ورابطة النسب والجيرة فضلا عن المصالح المشتركة والقيم الانسانية, ان قرار الحكومة يعتبر انتهاكا لكل الأعراف وخروجاً عن مألوف شعبنا الأردني الأصيل في اكرام الضيف وإغاثة الملهوف، خصوصاً وان تنفيذ هذا التهديد يعرض ضحايا المحنة لمخاطر القتل او الاعتقال والتعذيب".
وكانت الأردن قد ألغت مؤخرا إمكانية أن يكفل شخص اردني أي سوري لتمكينه من التحرك والاستقرار جزئيا في الاردن. وتعتقد الناشطة السورية أن الأردن تبعث بهذه الخطوة برسالة غير مباشرة للاجئين السوريين أن يبقوا في بلادهم. وأنهم بإلغاء نظام الكفالة لمنع المزيد من السوريين التدفق إلى أراضيها .
مشاركة العضوه / وجدان الصبحي