استفتاء وحوارات في قضيّة الكاتب المتهم بالردّة تفتح باب
المواجهة بين الإسلاميين والليبراليين على مصراعيه وتضع النظام في أزمة مهما كانت عقوبته.
فتحت قضيّة الكاتب حمزة كشغري، المتهم بالردّة على
خلفية تغريدات اعتبرت مسيئة للذّات الإلهية وللنبي محمد عليه الصّلاة
والسّلام، باب المواجهة بين الاسلاميين والليبراليين على مصراعيه ووضعت
النّظام السّعودي أمام خيارين كلاهما مرّ.
تعالت نداءات الإسلاميين للملك
عبدالله طالبة بتطبيق الحكم الشّرعي في هذا "السّفيه والمارق والزنديق
الذي لا بدّ أن يكون كبش فداء لشخصيات ليبرالية تسعى لتحجيم دور هيئة
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، كما قال مذيع التلفزيون السعودي، الإعلامي
زعل الفرمان.
وأتّهم الكاتب الليبراليين بـ"تجاوز
الخطوط الحمراء"، ووجّه "صرخات نداء" للعاهل السعودي، قائلا
"قد عاث الليبراليون ببلاد الحرمين، فلتجتثّ أصولهم، واجعل هذا المارق أولى
ضحاياهم".
ولا توجد مؤشرات واضحة حول ما سيحدث في قضية كشغري أو متى، لكن محاميه قال أن وزارة
الإعلام هي التي ستحقق معه، بوصفها جريمة إعلامية، حيث في أسوأ الأحوال سيواجه
عقوبة أو غرامة.
فكشف د.خالد
الشايع، الأمين العام المساعد
لـ"الهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته" عن
تلقّي كشغري "دعماً مادياً ولوجستياً من أشخاص محددين يشتركون معه
في الفكر والغايات الدنيئة لمحاولة تدويل قضيته بإشراك منظمات لا تراعي الحدود
الشرعية".
وتحدّث سعيد البكري الأربعاء في صحيفة "المدينة" عن
انتماء كشغري لـ"خلايا نائمة كانت تعقد ندوات وملتقيات في
مدينة جدة لغسل أدمغة الشباب، من الأولاد والبنات، بالاستعانة ببعض الكتب
النصرانية واليهودية".
واتّهم سلطان الجوفي، رئيس تحرير صحيفة
"النخبة" الأسبوعية عالم الدين والمفكر السعودي، الشيخ سلمان العودة،
بالإشراف "على تنظيم ليبرالي شيعي إخواني تموله قطر
وإيران".
ودخل الداعية الكويتي
محمد العوضي على خط الهجوم على بعض الليبراليين والعلمانيين
السعوديين، متهما إياهم بممارسة "استفزاز مقرف للمشاعر من خلال خطاب مراهق في
مثاقفتهم مع الدين والتراث".
وعلّق قارئ قائلا
"المسألة لم تعد تغريده وحسب، إنه غزو فكري، لا بد من استئصال دابر هذه
الخلايا وقمع الجبناء المتربصين بالمجتمع للغدر به والتطاول على مقدساته
ومقوماته".
فتصدّى له "أبو
طارق" قائلا "الله ينتقم منك يا عدو الله!".
بدوره، ردّ الكتب الليبرالي تركي الحمد على هجوم التوتيرين بالقول "أنا
مسلم، ولكني بإسلام دون مذاهب"، مضيفا "كشغري أخطأ التعبير وتاب، فلماذا
كل هذا الشبق إلى الدم؟!".
فردّ عليه "المتوكل
على الله" قائلا "لو طبق شرع الله على الحمد لما زاد
فساده. يجب أن يحاكم تركي الحمد بقطع رأسه".
ويرى الداعية
اليمني الحبيب بن على الجفري أن كشغري هو "ضحية العبث الليبرالي
والتشدد الإسلامي، ولعله ضحيتنا جميعا"، وأضاف "ليس من الصواب ولا من
الممكن منع الشباب عن قراءة أرسطو وهيجل ونيتشه وهايدغر وكيربي، ولكن التحدي
الإيجابي هو كيف يقرأون الغزالي".
فقال أحدهم "يجب
على الامة الاسلامية محاكمتك لأنك تدعو الى الشرك الاكبر" وعقب آخر قائلا
"المشايخ نفروا الشباب من الاسلام".
بكيتُ حمزة" في صحيفة
المدينة "ما الذي يدفع شابًا يعمر قلبه بحب الله ورسوله إلى أن يحيد عنه؟
(...) لم ندرك أننا أمام تحوّل عقدي خطير... فهل سنكتفي في علاج المشكلة
بالاستنكار في الصحف وعلى المنابر؟
ويضيف "أن أبواب
الحوار والنقاش لدينا موصده في البيت والمدرسة والعمل خاصة فيما يخص الدين
والعقيدة".
نقلت صحيفة "ذي
ديلي بيست" الأميركية حوارا مع حمزة
كشغري يقول فيه "اعتقد أني كنت كبش فداء لصراع أكبر" في
إشارة إلى المواجهة القديمة-الجديدة بين الاسلاميين والليبراليين.
وعلّق أحد القراء بالقول
"إن حوكم الشيخ حمزة كشغري فمصيبة وان لم يحاكم فالمصيبة اعظم".
وافقه "أحمد سعيد"،
من استراليا قائلا "اعدامه ستكون مسمارا في نعش آل سعود ... فحذار من الفتنة،
يجب عدم اعطاء الامر اهمية اكبر من حجمها الطبيعي".
وعلق الدكتور
جبران الهاجري محرر صحيفة الكويت ان كان الكاتب غلط واستهزاء وهو ما
يقر به ومن ثم عاد واعتذر بحجة ان هناك من وضعه كبش
فداء لصراع اكبر وهو ما تفق عليه جميع الكتاب ان الكشغري كان كبش فداء
لصراع طوائف ولمجموعات منهم من ادعى انها اسلامية ومنهم من ادعى انها ليبرالية
فلماذا كل هذا التهجم على الكاتب الصغير ولماذا بلد بحجم السعودية تطالب بإعدامه .
اين السعودية من قضية الرسوم الدنماركية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم .
وهو ما
كان باستطاعة السعودية ان تقطع علاقاته على الفور مع الدنمارك ولكن بحجة ان
الدنمارك اعتذرت لجميع المسلمين وهو ماقام به الكاتب الصغير واعتذر . فاين نحن من هذا كله
ولماذا نحاسب شخص غلط ثم اعتذر ولماذا الكيل بمكيالين ولماذا ولماذا . هناك تساؤلات
كثيره من هذه القصة من هو المستفيد الاكبر من هذا كله . وما هي النهاية لهذا
المسلسل الذي اعطي اكثر من حقه على كاتب في مقتبل العمر .
وأختتم "فراس"
من "العراق المحتل" قائلا "لم تكن الاول وان شاء الله ستكون الاخير
ايها الشهيد كشغري. تغريدتك ستكون بو عزيزي السعودية، ان شاء الله".
ولم تسلم المملكة من
انتقادات المنظمات الحقوقية مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو
الدولية.
واستنكر الاتحاد
الأوروبي ما وصفه أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في جامعة
نيويورك/أبوظبي، باسكال مونوري "شراسة الحملة التي شنت ضد كشغري من قبل
المتطرفين الإسلاميين".
ونادى "دانييل
سالفاتور شيفر" الفيلسوف والمتحدث في البلدان الناطقة بالفرنسية، باسم
"اللجنة الدولية ضد عقوبة الإعدام، والرجم والشنق"، التي يتواجد مقرها
الرئيسي في لندن، "بكل صرامة، أن يتم إطلاق سراح حمزة كشغري فورا ودون قيد
أو شرط".
ويرى جوناثان
راتشو، المدير الإقليمي لشؤون إفريقيا وجنوب آسيا في جمعية المسيحية لحقوق
الإنسان، أن كشغري "تحول إلى سلمان رشدي السعودية. فهو الضحية المرغوبة
من قبل المتشددين في صراعهم ضد الإصلاحيين".
وأجمعت الصحف
الغربية على القول بأن كشغري لم يقم سوى بممارسة حقه في حرية
التعبير.
باريس ـ الدكتور حبيب
طرابلسي جامعة ليون قسم القانون الدولي
...................