و أنفرد موقع اليوم السابع بنشر النص الكامل الرسمى لتحقيقات النيابة العامة مع الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، وهى التحقيقات التى تخرج للنور للمرة الأولى رغم كل الاجتهادات الصحفية بمحاولة نشر كواليسها أو تفاصيلها أو حتى ما تضمنته من وقائع، منذ بداية التحقيقات فى 12 ابريل الماضى وحتى الإعلان يوم 24 مايو عن انتهائها وإحالة مبارك للمحاكمة الجنائية.
اليوم السابع تنشر على مدار حلقتين متواصلتين اليوم وغدا التحقيقات وما جاء بها من أسئلة كما وجهها المحقق المستشار مصطفى سليمان والإجابات كما أدلى بها الرئيس المخلوع مرورا بالمراحل الحرجة التى مر بها التحقيق فى الجلسة الأولى عندما كان مبارك جالسا على الأريكة بالغرفة 309 فى قمة الذهول وعدم الإدراك لدرجة تعثره فى الاجابة أكثر من مرة بسبب ضعف ذاكرته وتكراره كلمة «مش متذكر» ما يقرب من 7 مرات، فضلا عما تضمنته التحقيقات من معلومات خطيرة بشأن قضية قتل المتظاهرين وحسابات مكتبة الإسكندرية وتبرعات الملوك والأمراء العرب وأبرزهم الشيخ زايد الحاكم الراحل لدولة الإمارات العربية المتحدة والملك فهد العاهل السعودى الراحل وصدام حسين والسلطان قابوس حاكم سلطنة عمان.
التحقيقات تروى بشكل تفصيلى قصصا وحكايات لـ 30 عاما من الفساد، يسرد فيها مبارك رأيه فى مشروع التوريث الذى اعتبره الشعب المصرى السبب الرئيسى وراء اندلاع ثورة 25 يناير وكيفية تعامله مع المتظاهرين، ستستمع لإجابات غير منطقيه مثل نفيه التام إصدار أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين وتأكيده الاتفاق مع حبيب العادلى وزير الداخلية السابق على استخدام رشاشات المياه فقط فى تفريقهم وعدم علمه تماما من قريب أو من بعيد بمقتل أى من المتظاهرين حتى يوم موقعة الجمل رغم كل ما نشرته وبثته وسائل الإعلام المختلفة كأنه كان فى عالم أخر خاصة تأكيده فى أكثر من موقع بالتحقيقات على أنه لم يلب طلبات المتظاهرين لأنه لم يعرفها أو يسمع بها من قبل.
تابع أيضا فى هذه التحقيقات ..
◄◄ مبارك: كلام عمر سليمان عن أن هناك صداقة قوية تربطنى بحسين سالم «مش صحيح» وأنا اشتريت منه 5 فيلات على المحارة.. وصلتى به زى صلتى بأى رجل أعمال
◄◄ ثروتى فى البنوك المصرية أكثر من 6 ملايين جنيه.. والكلام عن تهريب أموالى لسويسرا وأمريكا وبنك باركليز «مش صحيح»
◄◄ حسين سالم كان بيقوم بنقل الأسلحة من أمريكا فى السبعينيات من خلال شركة تضمه هو وكمال الأدهم وأحد عملاء المخابرات الأمريكية
◄◄ جمال كون خبرة من عمله فى بنك «أوف أمريكا» ولما عاد إلى مصر تهافتت على طلبه عدة جهات مصرفية
◄◄ مبارك: «اليونسكو» طلبت منى الحصول على التبرعات وفتح حساب باسمى لكننى رفضت وأنشأتُ الحساب باسم مكتبة الإسكندرية
◄◄ رابين صاحب فكرة تصدير الغاز لإسرائيل وعبيد هو إللى كلف حسين سالم بتأسيس شركة شرق البحر المتوسط لتصدير الغاز.. ورشيد اشترك فى تحديد سعر التصدير لإسرائيل
◄◄ مبارك: عاطف عبيد هو أول من كلفتُ بالدخول فى مفاوضات مع إسرائيل لتصدير الغاز ومن بعده عمر سليمان
المحضر الإجرائى
تبدأ الأوراق بافتتاح المستشار مصطفى سليمان محضر تحقيق إجرائى فى تمام الساعة 9:30 صباحًا بتاريخ 12 أبريل 2011 بفندق هلنان مارينا شرم، أثبت فيه حضوره إلى مدينة الطور بناء على الانتداب من قبل النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود للتحقيق مع مبارك ونجليه علاء وجمال فى البلاغات المقدمة ضدهم، والمقيدة برقم 1 لسنة 2011 حصر تحقيق المكتب الفنى، وتحديد ما إذا كانت الحالة الصحية للرئيس تسمح بحضوره إلى مقر نيابة الطور من عدمه بناءً على تقرير الحالة الصحية الذى يعده الدكتور السباعى أحمد السباعى، كبير الأطباء الشرعيين، وأغلق المستشار مصطفى سليمان المحضر بعد ذلك، وانتظر 6 ساعات ونصف الساعة، وافتتح محضرًا أخر أثبت فيه ورود تقرير الطب الشرعى من الدكتور السباعى أحمد السباعى رئيس قطاع الطب الشرعى كبير الأطباء الشرعيين والذى تضمن انتقال اللجنة الطبية لمقر سكن الرئيس السابق، وتبين لها وجود الرئيس فى فراشه ووجود نجليه وزوجته وشخصين آخرين قررا أنهما طبيبا الرئيس، وذكر أحدهما أن مبارك يتناول الأسبرين واللاذكس فقط كعلاج، وأنه أصيب صباح ذات اليوم بارتجاف أذينى بعضلة القلب، استلزم إعطاءه عقار ريتونورم 150م كإجراء علاجى أدى إلى إحداث هبوط بالضغط، وتبين أيضًا وجود الرئيس السابق يقظًا ومتنبهًا يعى ما يدور حوله، وبالكشف عليه تبين أن الضغط 80/50 والنبض 120/ دقيقة خلافًا للطبيعى، كما شاهد وجود أثر التئام بأعلى منتصف جدار البطن، وآخر أسفلها مائل الوضع طول كل منهما حوالى 25 سم، كما وجد صوت التنفس بحالة عادية، ويُسمع ارتجاف أذينى بسيط منتظم على القلب.
التقرير الطبى
وأكد التقرير الذى جاء فى ورقتين أن مبارك لا يشكو من أعراض أخرى، وخلص التقرير إلى أنه يعانى من ارتجاف أذينى استلزم إعطاءه عقاقير طبية أدت إلى حدوث انخفاض بالضغط، وهى حالة لا تمنع من انتقاله لاستجوابه وينصح بنقله إلى أحد المستشفيات الحكومية ليكون تحت الرعاية الطبية أثناء الاستجواب. وبناءً على هذا التقرير الطبى للحالة الصحية للرئيس السابق فقد أجرى المستشار المحقق مصطفى سليمان اتصالاً هاتفيّا بالمكتب الفنى للنائب العام وأخطره بنقل الرئيس السابق إلى مستشفى شرم الشيخ.
نقل مبارك للمستشقى
وقبل أن تدق الساعة السادسة و15 دقيقة كان الرئيس السابق محمد حسنى مبارك قد انتقل إلى مستشفى شرم الشيخ بناءً على قرار النيابة، وكان المحقق المستشار مصطفى سليمان على أبواب المستشفى وفى استقباله اللواء محمد الخطيب، مدير أمن جنوب سيناء، يرشده إلى مكان تواجد مبارك فى الغرفة 309 بالطابق الثالث.
ووصف المحقق المستشار مصطفى سليمان حالة الرئيس السابق والغرفة التى انتقل إليها قائلاً: «بالدخول إلى الغرفة وجدناها حجرة كبيرة الحجم، بها سرير طبى على يسار الداخل، ووجدنا المتهم يجلس على أريكة من الجلد نبيتى اللون فى مواجهة الداخل من الباب مباشرة، وفى يده اليمنى إبرة طبية متصلة بجهاز طبى بجواره، وألفيناه رجلاً فى منتصف العقد التاسع من العمر تقريبًا، قمحى البشرة، ذا شعر أسود، ممتلئ الجسم، يرتدى بدلة رياضية «تريننج سوت» ويبدو فى حالة طبيعية متنبهًا».
وأضاف المحقق، المستشار مصطفى سليمان، أنه وجه أسئلة شفهية إلى مبارك، وهى: الاشتراك بطريق التحريض فى قتل بعض المتظاهرين سلميّا المقترن بجرائم قتل والشروع فى قتل عدد آخر منهم حال سيرهم فى المظاهرات المندلعة فى عدة محافظات، والاستيلاء على مالٍ عام، وطلب وأخذ مبالغ على سبيل الرشوة؛ لأداء عمل من أعمال وظيفته، والإخلال بها، واستغلال النفوذ، والإضرار غير العمدى بالمال العام، وذلك بعد إحاطته علمًا بها وبعقوبتها، وأن النيابة العامة هى الجهة التى تباشر معه التحقيق، فما كان من مبارك إلاَّ الإنكار الشديد، ثم سألته النيابة عمَّا إذا كان لديه مدافع يحضر معه إجراءات التحقيق والشهود، فأفاد بحضور الأستاذ فريد الديب، وأكد عدم وجود شهود لديه لنفى الوقائع المنسوبة إليه.
بعد ذلك بدأ المحقق المستشار مصطفى سليمان سؤاله تفصيلا بالاتى
- س: اسمك؟ وسنك؟ وعنوانك؟
- س: ما قولك فيما هو منسوب إليك من اتهامات؟
قتل المتظاهرين
- س: ما تفصيلات ما حدث بشأن وقائع التظاهر التى بدأت يوم 25 يناير 2011 وحتى 11 فبراير 2011؟
يكمل مبارك: إنه فى يومى 26 و27 حصلت أيضاً مظاهرات بس مش متذكر فى كام محافظة، ولم أخطر أيضًا بحدوث أى إصابات أو وفيات خلالها وفى يوم 28 حصلت مظاهرات، ومش متذكر قال لى كبيرة الحجم ولا قليلة، وفى اليوم ده قالولى إن الأمن المركزى بينضرب، ومعهوش سلاح، فجريوا والحالة أصبحت خطيرة، فقمت بتكليف القوات المسلحة بمساعدة الداخلية فى حفظ الأمن والنظام فى الشارع، دون استخدام للقوة أو العنف أو أسلحة، ثم توالت الأحداث بعد ذلك أيام 29 و30، وفى 2 فبراير شفت الصبح فى التليفزيون مظاهرات وفيه جمل فى وسطهم بيجرى، فاندهشت، وعرفت بعد كده إن الناس بيسموها موقعة الجمل، وبعد ذلك هدأ الحال، ولكن زادت بعض مطالب المتظاهرين، وفقدت السيطرة الأمنية، فألقيت خطابين أوضح للشعب التفاصيل، وطلبت من القوات المسلحة أن تتدخل لضبط الشارع وتقوم بدور الأمن بصورة كبيرة، ولكنهم بحكم طبيعة وظيفتهم ماكانوش يقدروا عليها، فلم يقوموا بها على النحو المطلوب، ولما وجدت هذه المهمة ثقيلة على القوات المسلحة ولم تتمكن من أدائها كاملة باعتبارها غير مؤهلة لهذا، فقررت التخلى عن الحكم وتركه للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وحضرت لشرم الشيخ للإقامة فيها.
- س: ما مضمون التقارير والمعلومات التى تلقيتها فى شأن المظاهرات؟
- س: ما الجهات التى تلقيت منها هذه المعلومات؟
- س: ما وسيلة الإخطار بهذه المعلومات؟
- س: متى علمت باستخدام القوة والعنف » مع المتظاهرين؟
- س: ألم تقف على هذا الأمر من خلال وسائل الإعلام المرئية والمقروءة؟
- س: ما تقييمك للتظاهرات التى حدثت وحجمها ومطالبها؟
- س: ما الإجراءات التى قمت بها بصفتك رئيسًا للجمهورية آنذاك تجاه المظاهرات ومطالبها؟
ج: بعد المظاهرات وتعرفى على مطالب الناس بدأت فى يوم 28 فى تنفيذ مطالب المتظاهرين بإقالة الحكومة، وتعيين حكومة جديدة، وسائر الإجراءات التى قمت بها حتى التخلى عن السلطة، وهى إجراءات معلنة ومعروفة، وأعلنت بنفسى أنى لن أترشح، ولن يترشح أحد من عائلتى.
- س: لماذا لم تتم الاستجابة إلى طلبات المتظاهرين قبل وقوع أحداث التظاهر؟
- س: ما تعليلك لوقوع قتلى ومصابين فى أحداث المظاهرات فى ميدان التحرير وسائر الميادين فى محافظات الجمهورية؟
- س: لماذا لم تتخذ سلطاتك لوقف العنف مع المتظاهرين وهم بهذا الحجم؟
التوريث
هنا انتقل المحقق من طريقة الأسئلة المباشرة إلى مواجهته بأقوال حبيب العادلى والتى جاءت كالآتى:
- س: قرر المتهم حبيب إبراهيم العادلى فى التحقيقات المتعلقة بوقائع التظاهر أن الاحتجاجات الشعبية تجاه النظام وسياسته بدأت منذ عام 2005 لسوء تردى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولمشروع التوريث، وزيادة حجم الفساد، وطلب إسقاط النظام الحاكم.. فما ردك؟
وفى إطار استكمال أسئلة المواجهة قال المحقق:
- س: لقد أضاف حبيب العادلى فى التحقيقات أنه قام بإخطارك بهذا الشأن، وسجله فى اجتماعات مجلس الوزراء.
استكمل المحقق أسئلته قائلاً
- س: ما قولك فيما ورد ببعض البلاغات المقدمة من بعض المصابين فى أحداث التظاهر ومن ذوى القتلى بأن إصاباتهم حدثت نتيجة إطلاق أعيرة نارية من قوات الشرطة، وأن ذلك تم بأمر منك، ومن وزير الداخلية السابق؟
- س: ما قولك فيما ورد بتقرير لجنة تقصى الحقائق التى شكلها المجلس القومى لحقوق الإنسان بأن تحقيقاته أسفرت عن تقاسمك المسؤولية تجاه الأحداث خلال المواجهة الأمنية للمتظاهرين؟
- س: وما تعليلك لوحدة المنهج وطريقة التعامل مع القتلى والمصابين فى جميع المحافظات؟
إلى هنا استكفى المحقق بهذا القدر من الأسئلة فى ملف قتل المتظاهرين وانتقل إلى ملف حساب مكتبة الإسكندرية، وهو الحساب الذى دار بشأنه لغط كبير حول مصادر الأموال وطريقة إنفاقها والتحويلات المالية من وإلى الحساب على مدار سنوات طويلة.
مكتبة الاسكندرية
- وسأل المحقق قائلا:س: ما ظروف فتح حساب مكتبة الإسكندرية؟
وأضاف مبارك قائلا: الحساب لا يتم التصرف رسمياً فيه بالسحب أو الإيداع إلا من رئيس الجمهورية، وقمت باتخاذ الإجراءات البنكية ووضع نموذج للتوقيع ولم أحرر توكيلاً لأحد يصرف منه سحباً أو إيداعاً، وكان هذا الحساب فى البنك الأهلى فرع مصر الجديدة، وله دفتر حسابات ولا يستطيع أحد أن يسحب منه إلا بتوقيعى الشخصى وله سجل موجود فى ديوان رئيس الجمهورية، وقد تم السحب على ما أذكر من هذا الحساب مرتين أو ثلاثا تقريباً بناء على طلب مكتبة الإسكندرية، ولم يتم السحب منها مرة أخرى لأى أحد ويمكن الرجوع إلى مستندات البنك كافة للتأكد من صحة هذا الكلام.
توقف المحقق للحظات تعجبا على قيمة التبرعات التى وصلت 70 مليون دولار واختصاص مبارك نفسه دون غيره بالانفراد بالحساب البنكى سحبا وإيداعا، ووجه المحقق سؤالا إلى مبارك مفاده:
- لماذا اختصصت نفسك بالتصرف فى حساب مكتبة الإسكندرية بالبنك الأهلى فرع مصر الجديدة سحباً وإيداعاً ولم تترك ذلك للمسؤول عن المكتبة آنذاك؟
- س: ولماذا لم يترك حق التوقيع لوزارة التعليم العالى الجهة التابع لها الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية وقت التبرع؟
- استشعر مبارك بعد تلك الإجابة أنه قطع على المحقق الحديث مرة ثانية بشأن مكتبة الإسكندرية، غير أن المستشار مصطفى سليمان وجه سؤالا ساخنا، عن أسباب عدم تحويل التبرعات للحسابات الخاصة لمكتبة الإسكندرية التى أنشئت وفقاً للقانون رقم 1 لسنة 2001؟
عمولات السلاح
توقف المستشار سليمان إلى هذا الحد فى قضية مكتبة الإسكندرية بعدما توصل إلى عدة نتائج فى غاية الأهمية، عن عدم قانونية الحساب والاختصاص الفردى به وعدم ضمه لحسابات الإسكندرية أو وزارة التعليم العالى، وانتقل المستشار مصطفى سليمان إلى ملف اتفاقيات السلاح.
- س: ما الدور الذى قمت به بصفتك رئيس الجمهورية فى إبرام اتفاقيات السلاح؟
فى الوقت الذى أعد فيه المستشار مصطفى سليمان عدة أسئلة ساخنة فى ملف ساخن بطبيعته وهو صفقات السلاح، طلب الرئيس السابق محمد حسنى مبارك الاكتفاء بهذا القدر من التحقيقات لشعوره بالتعب والإرهاق، فتمت الموافقة على طلبه وأنهى المستشار سليمان جلسة التحقيق الأولى الفعلية مع مبارك والتى جاءت فى 8 صفحات واستمرت ما يقرب من 3ساعات متواصلة.
ووجه المحقق 4 أسئلة سريعة لمبارك لإنهاء جلسة التحقيق الأولى، وكانت كلمة «محصلش» هى القاسم المشترك بينها، حيث سأله المحقق: أنت متهم بالاشتراك بطريق التحريض فى قتل بعض المتظاهرين سلمياً والمقترن بقتل والشروع فى قتل آخرين منهم؟ فرد قائلا «محصلش».. فسأله المحقق: أنت متهم بالاستيلاء على المال العام على النحو المبين بالأوراق؟ فرد «محصلش».. فسأله المحقق: «أنت متهم بطلب وأخذ مبالغ مالية على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفتك والإخلال بها واستغلال النفوذ والإضرار غير العمدى بالمال العام؟.. فرد «محصلش».
وللمرة الأولى فى حياته وقع مبارك على أقواله بمحضر التحقيق، واللافت هنا أن التوقيع لم يكن كالمعتاد طيلة 30 عاما ماضية باسم رئيس الجمهورية محمد حسنى مبارك، إنما كان باسمه مجردا بدون ألقاب فى الصفحة الثامنة من ملف التحقيقات معه.
قرار الحبس الاول
أغلق المستشار مصطفى سليمان المحضر وأملى على السكرتير عمرو حافظ 4 سطور، وقعت على سمع مبارك كالصاعقة مفادها «نظراً لقيام الدلائل الكافية على ارتكاب المتهم جرائم الاشتراك بطريق التحريض فى قتل بعض المتظاهرين سلمياً والمقترن بالقتل والشروع فى قتل آخرين منهم، والاستيلاء على مال عام وطلب وأخذ مبالغ على سبيل الرشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته والإخلال بها، واستغلال النفوذ والإضرار غير العمدى بالمال العام المنصوص عليها فى المواد 40/1، 41، 103، 104، 113، 115، 116 مكرر من قانون العقوبات، ولتوافر الخشية من هروب المتهم وتوقى الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام المترتب على جسامة تلك الجرائم قررنا نحن مصطفى سليمان الآتى:
- نأمر بإلقاء القبض على المتهم محمد حسنى السيد مبارك وحبسه احتياطياً على ذمة التحقيق ويراعى له التجديد فى الميعاد.
- يعرض علينا المتهم باكر لاستكمال استجوابه.
- يطلب السيد رئيس المخابرات العامة السابق لجلسة تحقيق 8/4/2011.
- يضم من ديوان رئيس الجمهورية السجل الخاص بحساب مكتبة الإسكندرية لدى البنك الأهلى فرع مصر الجديدة، كما ترفق صورة رسمية من تحقيق القضية 1227/2011 جنايات قصر النيل.
فى ذلك الوقت التف حوله فريق الأطباء فى محاولة لإعطائه جرعة من الأدوية المنومة والمسكنة، غير أنها باءت بالفشل وظل مبارك يسترجع شريط ذكرياته منذ بداية التحاقه بالكلية الجوية مرورا بدوره فى حرب 73 وتوليه منصب نائب الرئيس، ثم الرئيس الناهى الآمر فى البلاد طيلة 30 عاما، ثم لحظة التنحى، ونهاية بالحبس الاحتياطى.
خيبة أمل فى الديب
وعلى الرغم من كل الآمال التى علقها مبارك على محاميه فريد الديب غير أن الديب لم يستطع أن يفعل أى شىء سوى أن قدم فى صباح اليوم التالى الأربعاء الموافق 13 أبريل 2011، وتحديدا فى الحادية عشرة صباحا، طلبا إلى المحقق مصطفى سليمان مفاده أن موكله المتهم محمد حسنى مبارك يمر بحالة صحية حرجة تجعل من تنفيذ الحبس عليه بالسجن أمراً يهدد حياته بالخطر، وطلب فى ختامه التفضل بالموافقة على تنفيذ قرار الحبس فى مستشفى شرم الشيخ الدولى، أو فى أى مستشفى آخر، تتوافر لديه الإمكانيات العلاجية المطلوبة، ويتيسر فيه تدبير الاحتياطات الأمنية اللازمة، وهو الطلب الذى أشر عليه المستشار مصطفى سليمان بالنظر والموافقة، مع ندب لجنة طبية من الطب الشرعى لتوقيع الكشف الطبى على المتهم لبيان حالته الصحية، وما إذا كان تنفيذ قرار الحبس داخل السجن يشكل خطورة على حياته ويستلزم نقله إلى المستشفى من عدمه.
الطلب الذى تقدم به الديب بتنفيذ حبس مبارك بأحد المستشفيات مراعاة لظروفه الصحية كان بمثابة الخطوة الأولى على طريق طويل من الجدل واللغط للمواطنين المتابعين لأخبار الرئيس المخلوع، بشأن حبسه بشرم الشيخ أم بمستشفى طرة أم بمستشفى المعادى العسكرى أم بالمركز الطبى، وما كان للنيابة العامة فى ذلك الوقت إلا اتخاذ الخطوات القانونية التى تضمن صحة الإجراءات التى تتخذها، منعا للانتقاد من قبل أى جهة، وبدأت تلك الخطوات بأن افتتح المستشار مصطفى سليمان محضرا فى الساعة 12و20 دقيقة بفندق هلنان مارينا شرم أثبت فيه استلامه التقرير الطبى للحالة الصحية لمبارك، والموقع عليها من رئيس قطاع الطب الشرعى كبير الأطباء الشرعيين الأستاذ الدكتور السباعى أحمد السباعى، وهو التقرير الذى جاء به أن الضغط 130/80 والنبض 65/دقيقة ومنتظم، وأن كل التحاليل المعملية التى أجريت له فى الحدود الطبيعية وأن العلاج الذى تناوله قد حسن من الحالة الصحية، حيث ساعد على سؤاله والتحقيق معه، وترى اللجنة ضرورة وضعه تحت الرعاية الطبية سواء بحبسه بالمستشفى أو أحد المستشفيات الحكومية مع توفير الرعاية الطبية اللازمة لحالته الصحية من إخصائيين وعلاج.
وبعد توصية الدكتور السباعى أحمد السباعى، كبير الأطباء الشرعيين بتحسن حالته الصحية ونقله إلى أحد المستشفيات الحكومية، فقد أصدر المحقق مصطفى سليمان قرارا باتخاذ الإجراءات اللازمة لنقل المتهم من مكان محبسه بمستشفى شرم الشيخ إلى مستشفى السجن الذى تقرر إيداعه فيه لتنفيذ الحبس الاحتياطى عليه، مع اتخاذ الإجراءات الطبية لملاحظة حالته وتوفير الرعاية الطبية والعلاج اللازم، وفق ما تنص عليه نصوص قانون السجون ولائحته التنفيذية، ولاستمرار تنفيذ ذلك القرار سافر المستشار مصطفى سليمان إلى القاهرة وفتح محضرا جديدا بدار القضاء العالى فى يوم 21 أبريل، وتحديدا فى تمام الساعة 2 ظهرا بدار القضاء العالى، لتكليف الدكتور السباعى أحمد السباعى كبير الأطباء الشرعيين ومن يرى الاستعانة به من المتخصصين للانتقال إلى سجن ليمان طرة لمعاينة المستشفى الخاص بالسجن لبيان مدى صلاحيته لنقل الرئيس السابق محمد حسنى مبارك، المحبوس احتياطياً على ذمة تلك القضية، فى ضوء حالته الصحية وإمكانية استكمال أى أجهزة أو تجهيزات إلى هذا المستشفى، إذا ما كان غير مجهز بها، ليكون على قدر من الصلاحية تتوافر به الرعاية الصحية المطلوبة لنزول الرئيس السابق به لتنفيذ أمر الحبس الاحتياطى عليه بذلك المستشفى، والانتقال أيضاً إلى مستشفى شرم الشيخ الدولى لتوقيع الكشف الطبى على المتهم لبيان ما انتهت إليه حالته الصحية ومدى إمكانية نقله إلى سجن ليمان طرة لتنفيذ أمر الحبس إلى مستشفى السجن وفقاً لحالته وإعداد تقرير مفصل.
جلسة التحقيق الثانية
- س: ما هو اسمك وسنك وعنوانك؟
- س: ما هو التدرج الوظيفى لك قبل تولى منصب رئيس الجمهورية؟
- س: بحكم الخبرة العسكرية ما هى ضوابط وقواعد استخدام السلاح النارى للضباط والجنود؟
الملاحظ أن المحقق عاد مرة أخرى إلى توجيه أسئلة عن المظاهرات لتحديد المسؤول عن إطلاق النار على المتظاهرين، حيث سأل المحقق: ما هى الإجراءات الواجب على رئيس الجمهورية اتخاذها حال اندلاع المظاهرات؟
ج: إذا كانت المظاهرات سلمية يتم إصدار تعليمات باتباع القواعد المنصوص عليها فى القوانين والاتفاقيات الدولية بمحاصرة المتظاهرين وتركهم حتى ينصرفوا، أما إذا كانت المظاهرات غير سلمية فيتم التعامل معهم بالعنف بالقدر الذى يتم به اتخاذ الإجراءات القانونية معهم.
- س: متى تلقيت المعلومات باعتزام بعض القوى السياسية والشباب التظاهر؟
- س: هل عقدت اجتماعات أو اتصالات بشأنها مع الجهات المختصة؟
- س: من شارك فى هذا الاجتماع؟
- س: ما الذى دار فى هذا الاجتماع؟
- س: ما هى المطالب التى أخطرت باحتجاج المتظاهرين لتنفيذها؟
- س: ما الذى انتهى إليه الاجتماع بشأن التعامل مع المتظاهرين؟
س: هل قمت بمتابعة هذه التعليمات وتنفيذها.
ج: نعم.
س: ما هى سبل وطرق متابعة التنفيذ.
ج: من خلال الوزراء المختصين.
- س: هل تأكدت من عدم استخدام العنف مع المتظاهرين أو إطلاق النار عليهم؟ ولماذا لم تستخدم سلطاتك لمنعه أو وقفه عند المخالفة؟
- س: ما هى الإجراءات التى اتخذتها فور علمك بضخامة أعداد المتظاهرين فى سائر المحافظات واستحالة تفريقهم وصرفهم بمعرفة قوات الشرطة؟
- س: ما قولك فيما قرره عدد من ضباط الشرطة بالتحقيقات من أن بعض القوات المشاركة فى المظاهرات كانت مسلحة بأسلحة نارية؟
- س: وما قولك وقد ثبت من التحقيقات قتل المئات من المتظاهرين سلميا من جراء إطلاق النار عليهم فى عدة محافظات بالجمهورية؟
- س: وما قولك وقد ثبت أيضاً إصابة آلاف من المشاركين فى تلك المظاهرات السلمية بطلقات نارية وخرطوش بمعرفة قوات الشرطة؟
ج: معرفش ومعنديش فكرة.
جلسة التحقيق الثالثة
يتضمن هذا الجزء من التحقيقات سيناريو ودراما مختلفة على عكس الجزء الأول، فستقرأ النص الكامل للأسئلة العشر الصعبة التى فشل مبارك فى الإجابة عنها ودخل فى حالة من البكاء المستمر على أثرها، استدعت التدخل الفورى للأطباء المعالجين وتوقف جلسات التحقيق، كما ستقرأ أيضاً تفاصيل جديدة عن الذمة المالية لمبارك وقصة سبيكة الذهب التى حصل عليها كهدية ولم يسجلها بالمتحف الحربى، فضلا عن معلومات جديدة بشأن حساب مكتبة الإسكندرية المخالف للوائح البنكية وكيف كلف إنشاء المكتبة الدولة 352 مليون جنيه رغم جمع تبرعات تصل لـ70 مليون دولار.
هذا الجزء من التحقيقات تكشف الحرص الشديد لمبارك على إنكار علاقته برجل الأعمال حسين سالم رغم أن سالم معروف لدى كل الأوساط بأنه الوجه الخفى لمبارك، بل الاعتراف عليه بأنه وكمال أدهم مستشار ملك السعودية وأحد عملاء cia كانا يعملان فى نقل الأسلحة فى السبعينيات، كما تكشف أيضاً عن شهادة عمر سليمان ضد مبارك وتكذيب مبارك لتلك الشهادة، وكواليس تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل واعترافات مبارك للمرة الأولى بأن إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق هو صاحب الفكرة، فضلا عن اعتراف آخر فى غاية الخطوة، وهو أن سعر تصدير الغاز فى صالح مصر ونهاية بدور عاطف عبيد وعمر سليمان فى إتمام الصفقة مع تل أبيب.
التحقيقات ستدفعك إلى طرح عدد من الأسئلة، أبرزها: كيف يكون الرئيس المخلوع هو المسؤول رسمياً أمام الشعب المصرى عن إتمام صفقات السلاح وعندما يسأله المحقق عن إجراءات إتمام الصفقات أو كيفية اختيار الشركات المنتجة للسلاح فيجيب بأنه لا يعرف؟
جمال مبارك نجل الرئيس المخلوع لم تخل التحقيقات من اسمه إنما وردت بالصفحة الثامنة والعشرين على لسان مبارك، والذى أخذ يمدح فيه قائلاً: «جمال عندما عاد إلى مصر تهافتت على طلبه عدة جهات مصرفية وهو وافق على أن يكون ممثلا للبنك المركزى وتم تعيينه بسبب خبرته ومؤهلاته، مؤكداً أن شروط ومؤهلات جمال وخبرته هى الساند الوحيد له وليست الواسطة.
وبقدر ما تكشف التحقيقات من معلومات فى كل صفحة بقدر ما تطرح أيضا عددا من الأسئلة الغامضة التى تحتاج إلى تفسيرات وتحليلات على رأسها حقيقة ما ورد بمذكرة الأمن القومى من أن مبارك وحسين سالم ومنير ثابت أسسوا شركة تدعى وايت وينجر بباريس لممارسة تجارة السلاح، وحقيقة تقرير آخر لهيئة الأمن القومى بأن ثروة مبارك 70 مليارا بالبنوك السويسرية والبريطانية والأمريكية من جراء المشاريع العسكرية، وحقيقة قيامه بتهريب أموال عبر مجموعة إيكو تريد المصرفية بسويسرا، وحقيقة امتلاكه حسابا مصرفيا فى بنك باركليز الدولى لصالح بيتر إسكو مدير مصرف المركزى الخليجى، وصحة تحويل 50 مليار جنيه بأسماء مستعارة يوم 25 يناير.
مواجهة ساخنة
«مكتبة الإسكندرية».. كانت محل نقاش طويل فى الجزء الأول من التحقيقات، خاصة بعد المعلومات التى انكشفت للمرة الأولى عن انفراد مبارك بالتعامل مع حساباتها المالية دون غيره، وعدم إشراك وزارة التعليم العالى كجهة مشرفة بحكم القانون، أو حتى مدير المكتبة، وعندما سأله المحقق عن السبب وراء ذلك قال مبارك: «لو تركت الحساب تحت إشراف وزارة التعليم العالى كانت هتختلط بموازنة الوزارة، ولو كنت قلت لمدير المكتبة كان هياخدها».
المحقق المستشار مصطفى سليمان أراد التعمق فى ملف حسابات مكتبة الإسكندرية فبدأ بتوجيه أسئلة عن فكرة المشروع وبداياته الأول
- س: ما ظروف إبرام الاتفاقية الموقعة بين مصر واليونيسكو لإحياء مشروع مكتبة الإسكندرية؟
ج: كل اللى أذكره - لأن الأمر ده من زمان - أن اليونسيكو كان يريد المساهمة فى إحياء مشروع مكتبة الإسكندرية، واستعملت اتفاقية، ومش متذكر بنودها، وكل اللى أذكره أن اليونسيكو كان يرغب فى الحصول على مبالغ التبرعات الخاصة بالمكتبة، واللى مفتوح بها حساب فى البنك الأهلى فرع مصر الجديدة، وأنا رفضت فى ذلك الوقت لأن مالهمش حق فى سحب هذه التبرعات.
- س: ما قيمة التبرعات التى تلقتها مصر لصالح هذا المشروع؟
ج: أنا ذكرت قبل كده هذا المبلغ بالدولار حوالى 70 مليون دولار، ومفيش غيره بالعملة الصعبة وبالجنيه المصرى.
- س: تبين من مطالعة المستندات البنكية وتقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عن فحص استثمارات الخطة الخمسية من 92 إلى 97 فتح حسابين للمكتبة، أحدهما بالدولار، والثانى بالجنيه المصرى، وأن حق التوقيع على الحسابين للرئيس فقط، فما تفصيلات فتح الحساب بالجنيه المصرى؟ وما المبالغ التى أودعت به؟ وتلك التى سحبت منه؟
ج: أنا معرفش غير حساب الدولار فقط، ولا أعلم بوجود حساب بالجنيه المصرى للمكتبة، ويمكن الرجوع للبنك فى هذا الشأن.
- س: ما قولك فيما ورد بتقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عن فحص الخطة الخمسية 92 - 97 أنه تم تحميل ميزانية الدولة بتكاليف إنشاءات للمكتبة خلال فترة الخطة وقدرها 352 مليون جنيه، تم تدبيرها بقروض من بنك الاستثمار القومى، رغم توافر التمويل اللازم من المنح والتبرعات بحساب المكتبة بالبنك الأهلى فى ذلك الوقت؟
ج: محدش جابلى سيرة عن هذا الموضوع، وإلا كنت دفعتها، لأنهم «موجودين».
- س: وما قولك وقد تبين من الاطلاع على المستندات المرفقة بتقرير الجهاز أن مدير مكتبة الإسكندرية طلب من ديوان رئيس الجمهورية تمويل المبالغ المستحقة على الإنشاءات؟
ج: لم أخطر بذلك.
- س: وما قولك فيما قرره عبدالعزيز حسين إبراهيم، مدير إدارة النظم المصرفية للبنك الأهلى، من أن فتح حساب مكتبة الإسكندرية واحتفاظكم بحق السحب والإيداع قد تم بالمخالفة للتعليمات المنظمة للعمل فى البنك الأهلى؟
ج: أنا معرفش التعليمات دى، ودى تعليمات البنك.
- س: ما القصد من الاحتفاظ بتلك التبرعات تحت تصرفك حتى تخليك عن الرئاسة؟
ج: مقصدى من الاحتفاظ عشان أصرفه على متطلبات المكتبة وأنا نسيته بعد كده.
قد لا يزيد عدد الأسئلة التى وجهها المحقق المستشار مصطفى سليمان إلى مبارك فى قضية حسابات الإسكندرية على 10 أسئلة، غير أنها كانت قاطعة وكاشفة لكم المخالفات الجسيمة بداية من جمع التبرعات وإنشاء الحساب باسم مبارك، والانفراد بالسحب والإيداع، وعدم إشراف التعليم العالى، بل وتحميل ميزانية الدولة 352 مليون جنيه لإنشاء المكتبة، رغم توافر المبلغ من المنح والتبرعات، ونهاية بأن مبارك ظل متمسكًا بالحساب من عام 1989 وحتى تخليه عن الرئاسة فى 11 فبراير 2011 لأنه نسى أن هناك حسابًا - بحسب قوله.
تصدير الغاز لإسرائيل
انتقل المحقق المستشار مصطفى سليمان إلى ملف أكثر أهمية وسخونة فى النقاش داخل جلسة التحقيق، وهو عملية تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل، وهى العملية التى أضرت بالمال العام، بقيمة وصلت إلى 714 مليونًا و98 ألفًا، و997 دولارًا أمريكيّا والمتمثلة فى قيمة الفارق بين سعر بيع الغاز لإسرائيل والسعر السائد آنذاك.
بدأ المحقق أسئلته كالآتى:
- س: ما ظروف التفاوض مع إسرائيل لتصدير الغاز المصرى إليها؟
ج: أيام رئيس الوزراء الإسرائيلى إسحاق رابين، ومش متذكر التاريخ بالضبط، قال فى لقاء إنه كان فى اتفاقية السلام بند يديهم الحق فى شراء البترول المصرى من خلال الدخول فى مناقصة، وبالفعل تم تصدير البترول إليهم لفترة، ولما كنا فى حاجة إلى البترول طلبت منه أن يتنازل عن الكمية اللى بتاخدها إسرائيل فى مقابل لما يظهر الغاز نعوضهم بتصدير الغاز من خلال مناقصات أيضًا، وفى فترة تولى الدكتور عاطف عبيد رئاسة الحكومة أعطيته تعليمات بالدخول فى مفاوضات مع الجانب الإسرائيلى لتصدير الغاز، وبالفعل تم التفاوض، وعملوا بعد كده اتفاقية لتحديد سعر الغاز، وكيفية التصدير، والآلية بتاعته، وبعد الانتهاء من مد الخط بين مصر وإسرائيل بدأ بيع الغاز لإسرائيل، إلا أنه فى ذلك الوقت كان مر فترة على بدء التعاقد تغير فيها السعر وارتفع، فتوقفنا عن تنفيذ العقد إلا بعد رفع السعر من دولار إلى 3 دولارات - على ما أتذكر - على أن يراجع السعر كل ثلاث سنوات، ووافق الجانب الإسرائيلى فى الآخر بصعوبة بالغة.
- س: من صاحب فكرة التصدير؟
ج: إسحاق رابين رئيس الوزراء طلب الغاز بدلاً من البترول عند توقف التصدير له، وأنا اللى وافقت على التصدير.
- س: من الذى مثل مصر فى التفاوض؟
ج: فيه جهة متخصصة فى الهيئة العامة للبترول على ما أعتقد اسمها هيئة الغاز، هى التى بدأت بالتفاوض فى الأول وفى مرحلة لاحقة الدكتور عاطف عبيد، وممثل عن جهاز المخابرات.
- س: ما شروط التعاقد وحقوق والتزامات الطرفين؟
ج: مش متذكر شروط التعاقد، والحقوق، إنما كل ما أذكره فى العقد أن سعر التصدير للوحدة وقت تنفيذ العقد 3 دولارات أو 3.5، مع مراجعة السعر كل ثلاث سنوات.
- س: ما الإجراءات التى اتخذت لتنفيذ العقد؟
ج: تم الاتفاق على إنشاء شركة لتنفيذ فكرة التصدير، وهذه الشركة تقوم بمد الخط ثم شراء الغاز من الهيئة لعامة للبترول، وإعادة بيعه للجانب الإسرائيلى.
- س: ما الشركة التى عهد إليها تنفيذ ذلك؟
ج: على ما أعتقد شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز.
- س: لماذا وقع الاختيار على هذه الشركة بالذات؟
ج: هذه الشركة تساهم فيها المخابرات العامة المصرية بنسبة كبيرة وفيها مساهمون آخرون من بينهم الهيئة العامة للبترول، ورجل الأعمال حسين سالم.
- س: هل تم اختيار هذه الشركة من خلال مزايدة؟
ج: معرفش.
- س: ما صلتك برجل الأعمال حسين سالم؟
ج: هو رجل أعمال مثل رجال الأعمال الآخرين، قابلته مرة واحدة فى أمريكا أيام تولى منصب نائب رئيس الجمهورية، واستعنت به مع مجموعة من رجال الأعمال فيما بعد للتنمية فى سيناء.
- س: هل تربطك برجل الأعمال المذكور صداقة أو علاقة أخرى؟
ج: لا.. وهى معرفة مثل أى رجل أعمال.
- س: لماذا لم يعهد بتنفيذ العقد بشركة مصرية خالصة يساهم فيها أشخاص اعتبارية عامة؟
ج: كل الناس تخشى التعامل مع إسرائيل بما فيها الجهات العامة.
- س: ما الجهة التى قامت بتحديد سعر البيع للشركة الوسيطة؟
ج: تحديد السعر بواحد دولار أو واحد ونصف الدولار، تم بمعرفة المختصين بالهيئة العامة للبترول عند التنفيذ لفعل التصدير، وتم تحديد السعر بمعرفة لجنة آخرى يرأسها رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة فى ذلك الوقت.
- س: هل تم التأكد من تناسب ذلك السعر مع الأسعار العالمية؟
ج: هذا عمل اللجنة، وهى أدرى به.
- س: قرر رئيس المخابرات السابق عمر سليمان بالتحقيقات أن صلة صداقة تربطك بحسين سالم، فما ردك؟
ج: الكلام ده مش صحيح، ومفيش صداقة، إنما هو زيه زى أى رجل أعمال.
- س: وما قولك وقد أضاف فى أقواله فى التحقيق بأنك الذى قمت بتكليف حسين سالم بتأسيس شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز؟
ج: هذا الكلام غير صحيح، ولم أكلفه بتأسيس شركة، واللى كلفه الدكتور عاطف عبيد.
- س: وما قولك فيما ورد بتقرير لجنة الخبراء المنتدبة من النيابة العامة من أن الشركة التى يساهم فيها حسين سالم قد حصلت على منفعة دون وجه حق، وتقدر قيمة هذه المنفعة بـ 2 مليار و861 مليونًا و85 ألفًا و250 دولارًا أمريكيّا بعد صدور قرار مجلس الوزراء فى 18 سبتمبر 2000 ومبلغ 9 مليارات و475 مليونًا و160 ألفًا و625 دولارًا بعد توقيع الاتفاقية فى 13 يونيو 2005.
ج: أنا معرفش، وأول مرة أسمع هذا الكلام.
- س: وما قولك وقد ورد بنتيجة التقرير أن السعر المحدد أقل من سعر التكلفة، وأقل من الأسعار العالمية بعد تقويمها مع سعر الغاز الروسى؟
ج: أنا معرفش الكلام ده ولم أتدخل فى تحديد أسعار أو غيره.
- س: وما قولك وقد خلص التقرير إلى أن بيع الغاز لإسرائيل قد أصاب المال العام بضرر قدره قرابة 715 مليون دولار؟
ج: يسأل عن ذلك اللجنة التى قدرت الأسعار.
تلك الإجابة القصيرة كانت كاشفة للمحقق المستشار مصطفى سليمان مدى تورط الرئيس المخلوع فى قضية الغاز الطبيعى، فكيف يعترف فى البداية بأنه وافق على تصدير الغاز لإسرائيل بديلاً عن البترول بعد مشاوراته مع إسحاق رابين ويكلف حسين سالم بإنشاء شركة تتولى الوساطة فى عملية التصدير، وفى النهاية يرمى الخطأ فى إهدار المال العام على عاتق اللجنة التى قدرت السعر والتى كانت على علاقة وثيقة به؛ لأن ذلك الملف كان سريّا ويخضع لاهتمام مؤسسة الرئاسة.
سبيكة الذهب
انتقل المستشار المحقق مصطفى سليمان إلى ملف آخر قد لا يهم قطاعًا كبيرًا من الشعب المصرى بقدر ما يعكس الذمة المالية للرئيس المخلوع، وهو عبارة عن واقعة سبيكة الذهب التى حصل عليها مبارك كهدية من شركة خمس مصر لمناجم الذهب، باعتبارها أول سبيكة من منجم ذهب مصرى، وكان المفروض أن يدرجها مبارك ضمن قائمة الهدايا فى المتحف الحربى، وفقًا للوائح، غير أن التحقيقات كشفت مفاجآت.
- س: هل تم إهداؤك سبيكة ذهبية من شركة خمس مصر لمناجم الذهب؟
ج: لا لم يتم إهدائى بأى سبائك من أى حتة.
- س: ورد تقرير فى مذكرة إدارة حسابات التعدين ومواد البناء بالجهاز المركزى للمحاسبات أن مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية ومدير عام شركة خمس لمناجم الذهب قاموا بإهداء سبيكة ذهبية لك تزن 5٫5 كجم تقريبًا بتاريخ 6 / 1 /2009.. فما ردك؟
ج: الكلام ده غير صحيح، ويمكن أحد أخذها وبيدعى إن أنا اللى أخذتها.
شعر مبارك بالإرهاق وطلب من المحقق الاكتفاء بهذا القدر من التحقيقات، وبالفعل استجاب المستشار مصطفى سليمان، رغم عشرات الأسئلة التى كان قد أعدها مسبقًا لمواجهة مبارك فيها، غير أن توقف جلسة التحقيق أفاد المحقق لوضع النقاط على الحروف، فالمحقق لديه وجهان من الموضوع الأول، متمثلان فى الأوراق والمستندات الدالة على حصول مبارك على سبيكة الذهب، والثانى هو أقوال مبارك التى ينفى فيها نفيًا قاطعًا.أغلق المستشار مصطفى سليمان المحضر وأصدر قراره باستمرار حبس مبارك احتياطيّا 15 يومًا أخرى، واستدعاء الدكتور حسين حمودة رئيس الهيئة العامة للثروة المعدنية لجلسة 28 أبريل، مع الأخذ على أن تكون قضية سبيكة الذهب هى أول ما يتم الحديث بشأنه فى جلسة التحقيق المقبلة.
جلسة التحقيق الاخيرة
سريعًا مرت الأيام، وعاد المحقق مصطفى سليمان إلى شرم الشيخ يوم 10 مايو للنظر فى تجديد حبس مبارك، وقتها كان مبارك يرقد على السرير ويتصل بيده جهاز طبى، ويجلس إلى جواره محاميه فريد الديب فى الغرفة 309 بالطابق الثالث.
المحقق جاء إلى شرم الشيخ محملاً بالمزيد من المعلومات الخطيرة وأقوال الشهود التى تضع مبارك فى مأزق شديد، ولم يستخدم المحقق أى حيلة من حيل المراوغة فى التحقيقات، إنما سأل سؤالاً مباشرًا مفاده: لقد قرر اللواء مصطفى أحمد شاهين فى تحقيقات النيابة العامة أن المهندس سامح فهمى وزير البترول السابق اتصل به هاتفيّا وأبلغه بأنه سيرسل سبيكة ذهبية تم اكتشافها، وحضر بها إلى سكرتارية وهبة عيسى أمين عام وزارة البترول، وأنه اتصل بك حال وجودك بشرم الشيخ وأبلغك بها.. فما قولك؟
وكان رد مبارك هو المفاجأة، حيث اعترف بعد الإنكار قائلاً: «أنا كنت ناسى هذا الموضوع، واللى فكرنى به اللواء مصطفى شاهين. فاسترسل المحقق فى الأسئلة لمعرفة طبيعة حصوله على الهدية، وأسباب قبولها وعدم إدراجها ضمن الهدايا بالمتحف الحربى».
- س: ما قولك فيما قرره فوزى شاكر مقار فى تحقيقات النيابة أن اللواء مصطفى شاهين طلب منه تسليم لفافة مغلقة وتوجه معه لمقر إقامتك بالسيارة المخصصة لهما حيث قام بتسليمك اللفافة حال وصوله للمقر؟
ج: هو ممكن يكون سلمنى اللفافة، ولم أفتحها وتركتها ونسيتها.
- س: ما سبب قبول هذه الهدية، وهى بمثل هذا الحجم والقيمة؟
ج: سبب القبول لإرسالها إلى المتحف باعتبارها باكورة إنتاج أول منجم ذهب مصرى.
- س: لماذا لم تصدر أمرك بردها والحصول على منتج رمزى؟
ج: عشان أنا مشفتهاش وقتها وحتى الآن.
المفاجأة الجديدة فى جلسة التحقيق ليست فقط فى اعتراف مبارك بعد الإنكار الشديد إنما ما أراد فريد الديب محامى مبارك تقديمه من أوراق تثبت إيداع السبيكة الذهب بالمتحف الحربى بتاريخ 9 مايو، وهو توقيت لاحق للجلسة الأولى التى تمت فيها مواجهة مبارك بالسبيكة.
وظهر ذلك من خلال أسئلة المحقق التى تمثلت فى..
- س: ما مصير هذه السبيكة الذهب الآن؟
ج: تم إيداعها بالمتحف الحربى بقصر عابدين بحالتها بتاريخ 9 / 5 /2011 ولدى صورة من الكتاب الدال على إيداعها المتحف، وقدم الديب صورة من كتاب صادر عن لجنة ديوان رئاسة الجمهورية مؤرخ بـ 9 مايو 2011 إلى السيد مصطفى شاهين سكرتير الرئيس السابق يتضمن الإفادة باستلام السبيكة، وإيداعها بالمتحف الحربى، وأنه جارٍ اتخاذ إجراءات ضمها للعهدة طبقًا للقوانين.
- س: ولماذا تم الاحتفاظ بالسبيكة فى مسكنك منذ شهر يناير 2009 وعدم إيداعها بالمتحف؟
ج: أنا لم أفتحها ونسيت أن أقوم بإيداعها فى المتحف كالمعتاد مع كل الهدايا التى تقدم إلىَّ فى الرئاسة.
- س: ما قولك فيما قرره اللواء مصطفى شاهين فى التحقيقات أنه طوال فترة عمله لم يتم تسليم أى إهداءات للرئيس فى محل إقامته؟
- أنا أخذتها على البيت لغاية لما أتأكد هى إيه بالضبط، عشان كده لم أتركها بمقر الرئاسة واللى حصل إن أنا لم أشاهدها ونسيتها.
انتهى المحقق إلى ذلك الحد من سؤال مبارك بشأن سبيكة الذهب وعاد مرة ثانية إلى السؤال عن علاقته برجل الأعمال حسين سالم قائلاً:
- س: هل تمت بينك أو أىٍّ من أفراد أسرتك وبين حسين سالم أى معاملات من أى نوع؟
ج: لا، مفيش سوى شراء خمس فيلات، واحدة لى وواحدة لجمال، وواحدة لعلاء، وفيلتين «شرك» ما بين علاء وجمال.
- س: ألم تتم مشاركته فى أى شركات تجارية أو استثمارية، أو توكيلات داخل مصر أو خارجها؟
ج: لا.
- س: ما تفاصيل شراء الفيلات من حسين سالم؟
ج: تم شراء هذه الفيلات فى التسعينيات على ما أذكر، وتم تسليمها بدون تشطيب على المحارة، وغير متذكر المساحات بتاعتها، وتمت بثمن فيلتى بـ 500 ألف والفيلتين الأخريين كل واحدة بـ 300 ألف، وأذكر استدعينا بتوع الشهر العقارى لتسجيل العقود.
- س: وهل كان ثمن شراء الفيلات يتناسب مع ثمن المثل وقت الشراء؟
ج: معرفش، لكن أنا أول واحد اشتريت منه، وهو كان عنده فيلات كتير، وبعد ما أنا اشتريت اشترى منه ناس كتير، أذكر منهم السلطان قابوس، وإبراهيم نافع، وجمال عزب رجل الأعمال.
- س: ثبت من الاطلاع على صور عقود شراء الفيلات أن الفيلا الخاصة بك ومساحتها 1564 مترًا سدد عنها ثمن 500 ألف، فى حين تم سداد ثمن شراء فيلا جمال مبارك وعلاء مبارك البالغ مساحة كل منها 1960مترًا و1840 مترًا بمبلغ 400 ألف جنيه، فى حين سدد ثمن الفيلتين البالغ مساحة كل منهما 1085 مترًا 300 ألف جنيه، فما تفسيرك للاختلاف فى الثمن وعدم تناسب مساحة الفيلا الخاصة بك مع الثمن المدفوع؟
ج: معرفش، وأنا دفعت المبلغ باعتبار أن المساحات بتاعت الفيلات كلها كانت متداخلة مع بعض.
- س: ما قولك فيما ورد بمحضر تحريات مباحث الأموال العامة من أن ثمن شراء الفيلات الخاصة بكم من شركة حسين سالم لا يتناسب مع ثمن المثل فى وقت الشراء، وأنه يقل كثيرًا عن الثمن المناسب، وأنه ثبت من الاطلاع على عقود شراء شركة المهندسون المصريون للاستثمار العقارى شراؤها لعدد من الفيلات بمساحة 750 مترًا للواحدة فى أماكن أقل تميزًا بمبلغ يتراوح بين مليون جنيه و300 ألف جنيه إلى مليون وتسعمائة ألف جنيه؟
ج: معرفش.
عمر سليمان وصفقة الغاز
سريعًا ترك المحقق علاقته برجل الأعمال حسين سالم، وانتقل مرة أخرى إلى قضية تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل، وسأله:
- هل صدرت منك تكليفات أو تعليمات إلى جهاز المخابرات العامة بالمشاركة فى مفاوضات تصدير الغاز لإسرائيل؟
ج: نعم.
- س: متى صدرت هذه التعليمات؟ وما هى؟ ولمن صدرت؟
ج: فى بداية المفاوضات - ومش متذكر التاريخ بالضبط - وطلبت من رئيس الجهاز فى ذلك الوقت السيد عمر سليمان أن يقوم بالمشاركة فى المفاوضات فى سبيل إتمام موضوع تصدير الغاز إلى إسرائيل، ولم أدخل فى التفاصيل.
- س: هل تم إخطارك فيما بعد بجميع التفاصيل الخاصة بالتفاوض مع الجانب الإسرائيلى من حيث الكمية والسعر والمدة والحوافز والإعفاءات قبل إبرام التعاقد؟
ج: أيوه تم إخطارى بتفاصيل العقد الأول، وكنت سألت عن السعر وعرفت أن هذا السعر قليل، فكلفتهم بعمل مفاوضات جديدة قبل تنفيذ العقد، وعلى ما أذكر تم تكليف رشيد محمد رشيد، وتم رفع السعر من دولار إلى 3.5 دولار قبل تنفيذ التصدير، وأيضًا إعادة النظر فى السعر كل ثلاث سنوات.
- س: هل تم التأكد من ملاءمة شروط وتفاصيل المفاوضات، وأنها تسير فى صالح مصر؟
ج: بالمقارنة بالأسعار التى كان يتم التصدير بها لإسبانيا وإيطاليا فى ذلك الوقت تبين أنها كانت فى صالح مصر، ومطابقة لظروف التعاقد مع هاتين الدولتين.
- س: هل وقفت الأجهزة المعنية فى الدولة على هوية وطبيعة المساهمين عن شركة الشرق الأوسط للغاز؟
ج: أنا معرفش، ولم أكلف الأجهزة بهذا الإجراء؛ لأن كل اللى كان يهمنى السعر والمدة، رغم أنها مهمة قطاع البترول.
- س: ما قولك فيما ورد فى تقرير اللجنة المنتدبة من النيابة العامة وشهادة أعضائها فى التحقيقات من أن التعاقد على بيع الغاز لإسرائيل شهد عدة مخالفات، تمثلت فى أن التعاقد تم دون مراجعة التفاوض حول السعر، وخلو العقد من بنود تسمح بالمراجعة الدورية للأسعار خلال فترة التعاقد البالغة 15 عامًا، بالإضافة إلى إعطاء ميزة منفردة إلى الجانب الإسرائيلى بأحقيته فى مد فترة سريان التعاقد خمس سنوات إضافية بذات الأسعار؟
ج: يُسأل عن ذلك القائمون على الأمر فى قطاع البترول، وأنا عند تنفيذ العقد كلفت المسؤولين برفع الأسعار إلى 3.5 دولار ومراجعة الأسعار كل ثلاث سنوات.
- س: ما قولك فيما ثبت من فحص الملكية غير المباشرة للمتهم حسين سالم فى مختلف الشركات المالكة لمحافظ الأوراق المالية بالبورصة المصرية أنه المهيمن على نسبة 70% من الأسهم بشركة البحر الأبيض المتوسط للغاز من خلال امتلاكه 20% من الأسهم وتوكيله بالتصرف بيعًا وشراءً لأسم الشركات الأخرى المساهمة بنسبة 50% من أسهم الشركة بتوكيلات تمنحه مطلق الصلاحيات؟
ج: أنا معرفش هذا الكلام، ومعنديش فكرة.
- س: وما قولك فيما ورد فى تقرير اللجنة وشهادة أعضائها من أن إبرام العقد على النحو الذى تم به أضعف الجانب المصرى عند إعادة التفاوض عند تعديل سعر الغاز الذى أبرم فى مايو 2009 على نحو حال دون الوصول إلى السعر المناسب لما تم ضخه من غاز، ما أدى إلى إضرار بالمال العام بمقدار 714.87 مليون دولار أمريكى؟
ج: يسأل عن ذلك المسؤولون فى قطاع البترول.
لم تتغير طريقة إجابة مبارك فى نهاية التحقيق، فكما نفى عن نفسه فى البداية تورطه فى إهدار المال العام رغم موافقته مع إسحاق رابين على التصدير، تهرب للمرة الثانية وأنكر علاقته بمعرفة أسعار تصدير الغاز رغم الاعتراف فى أكثر من موقع فى التحقيقات باطلاعه على تفاصيل التعاقد وأسعار المفاوضات.
صفقات السلاح
امتلاك المحقق مرونة فى توجيه الأسئلة كانت ظاهرة فى الأوراق من خلال انتقاله من ملف إلى آخر بكل سهولة ويسر، حيث ترك ملف الغاز وبدأ توجيه أسئلة فى الملف الأخطر، وهو صفقات استيراد السلاح، قائلاً:
- س: ما ظروف وكيفية عقد صفقات السلاح بمصر بيعًا وشراءً خلال فترة توليك منصب رئاسة الجمهورية؟
ج: صفقات السلاح بيعًا وشراءً تتم من خلال طريقتين، الأولى إبرام اتفاقيات للسلاح، والثانية عن طريق عقود بيع أو شراء السلاح، وإبرام الاتفاقيات يتم من خلال التفويض الممنوح لرئيس الجمهورية من مجلس الشعب بموجب قانون فى السبعينيات، ومنذ ولايتى فى عام 1981 وحتى التخلى عن رئاسة الجمهورية لا أذكر أننى أبرمت اتفاقية واحدة للسلاح طوال فترة ولايتى، أما الطريقة الأخرى فهى طريقة عقد صفقات بعقود، فتقوم بها الجهة المختصة فى القوات المسلحة، وليس لرئيس الجمهورية دور فيها إلا الحصول على الموافقة السياسية للدولة البائعة أو المشترية فى أطر المصلحة القومية لمصر.
- س: ما حدود التفويض الممنوح وموضوعه؟
ج: هذه الحدود منصوص عليها فى القانون، وترجمتها العملية تمثيل الدولة فى إبرام الاتفاقيات الخاصة بالسلاح على أن تعرض بعد ذلك على مجلس الشعب لإقرارها.
- س: هل يمكنك تحديد الصفقات التى عقدت حال ولايتك وحجمها؟
ج: طبعًا ما أقدرش.
- س: ما مصادر الحصول على السلاح؟
ج: بصفة رئيسية الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، بالإضافة إلى عدد من الدول الأخرى مثل فرنسا وإنجلترا وألمانيا وإيطاليا وأوكرانيا وكوريا وبلغاريا.
- س: ما الجهة التى تمثل مصر فى عقد صفقات السلاح؟
ج: بالنسبة للقوات المسلحة هيئة التسليح وهى إحدى الهيئات داخل القيادة العامة للقوات المسلحة معاونة شعب التسليح داخل الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة.
- س: ما إجراءات عقد تلك الصفقات؟
ج: معنديش فكرة عن هذه الإجراءات.
- س: هل تعرف كيفية تحديد الثمن وطريقة سداده؟
ج: لا.. والجهة المختصة هى اللى عندها هذه المعلومة.
- س: كيف يتم اختيار الشركات المنتجة؟
ج: معرفش.
- س: كيف يتم اختيار وسائل نقل الأسلحة محل الصفقات؟
ج: حسب قوانين الدولة المتعاقد معها بالنسبة لأمريكا فلابد من نقل الأسلحة من خلال شركات نقل أمريكية، وبالنسبة للبلاد الأخرى معرفش يتم إزاى.
- س: هل هناك شركات يعهد إليها النقل؟
ج: معرفش.
- س: هل تخضع صفقات السلاح للمراجعة والمراقبة من الجهات الرقابية بالداخل؟
ج: من الجهات الرقابية داخل القوات المسلحة فقط.
- س: هل عهدت إلى إحدى الجهات الرقابية خارج القوات المسلحة بمراجعة ومراقبة صفقات السلاح للتأكد من صحتها؟
ج: لا.. والقوات المسلحة تقوم بهذا الدور.
- س: هل سبق لك أو لأى من أفراد أسرتك أو أصهارك أو أصهار نجليك ممارسة نشاط فى الاتجار بالأسلحة أو نقلها؟
ج: لا.. وأنا ليس لى أى نشاط تجارى فى الأسلحة أو فى أى مجال آخر، وبالنسبة لأفراد أسرتى مفيش حد بيمارس فى الأسلحة أو نقلها.
- س: هل شاركت أو أى من أفراد أسرتك فى شركات تمارس نشاط الاتجار للأسلحة ونقلها خارج مصر؟
ج: لا.
- س: هل عهدت إلى حسين سالم بالوساطة أو الوكالة فى إبرام صفقات للسلاح أو نقله خاصة بالدولة؟
ج: لا.. واللى أعرفه إن حسين سالم كان بيقوم بنقل الأسلحة من أمريكا فى السبعينيات من خلال شركة تضمه هو وكمال أدهم المستثمر ومستشار ملك السعودية السابق، وأحد عملاء سى. آى. إيه، ثم حلت هذه الشركة بعد وفاة كمال أدهم، وعلى وجه الدقة معرفش مصيرها إيه.
- س: هل لديك صلة أو علاقة بشركة تسمى وايت وينجر بباريس؟
ج: لا.. ومعرفش شركة بهذا الاسم وأول مرة أسمع عنها.
- س: ما قولك فيما ورد بمذكرة معلومات هيئة الأمن القومى بوجود ارتباط وثيق بينك وبين رجل الأعمال حسين كمال الدين سالم، واللواء منير ثابت من خلال تأسيسكم لشركة وايت وينجر بباريس التى تمارس نشاطًا فى الاتجار بالأسلحة؟
ج: هذا الكلام غير صحيح، وكاذب تمامًا، وليس لى علاقة بهذه الشركة، أو أى شركات تمارس نشاطًا تجاريّا من أى نوع.
ثروات مبارك وديون مصر
كان لافتًا أن مبارك متحفظ فى الإجابة عن أى أسئلة تتعلق بصفقات السلاح، نظرًا لحساسية ذلك الملف وما يحمله من طبيعة عسكرية، وقضية أمن قومى، غير أن المحقق حصل على ما يريد من أقوال، وانتقل إلى منطقة أخرى من المناطق الشائكة بشأن ممتلكات مبارك العقارية والمالية.
- س: ما قولك فيما ورد بالبلاغات المقدمة فى حقك من عدد من المواطنين بأنك تحصلت من خلال صفقات السلاح على عدة عمولات أدت إلى تضخم ثروتك بمبلغ 70 مليار دولار؟
ج: كلام غير صحيح وكاذب جملة وتفصيلاً.
- س: ما حجم ثروتك وعناصرها ومصادرها؟
ج: عندى حساب أموال سائلة قدرها أكثر من 6 ملايين جنيه مصرى فى البنوك المصرية، بالإضافة إلى فيلا شرم الشيخ فقط.
- س: هل تمتلك أموالاً عقارية أو منقولة أو سائلة خارج البلاد؟
ج: معنديش أى حاجة خارج البلاد.
- س: ما صلتك بمجموعة ديكو ترير المصرفية بسويسرا؟
ج: ليس لى أى صلة.
- س: هل تمتلك حسابات فى بنك باركليز الدولى البريطانى؟
ج: لا.
- س: ما صلتك بمن يدعى بيتر إسكوير تيد، قائد القوات الجوية السابق بسلاح الجو البريطانى؟
ج: معرفوش، وأول مرة أسمع عنه.
- س: ما معلوماتك بشأن ثروة زوجتك ونجليك علاء وجمال ومصادرها ونشاط كل منهم؟
ج: زوجتى ليس لها حسابات فى البنوك أو أسهم فى البورصة، وكل ما تمتلكه ميراث عن والديها، وتم بيعه، وليس لديها عقارات تمتلكها، أما بالنسبة لنجلى علاء وجمال اللى أعرفه إن عندهم حسابات بالخارج بس معرفش قدرها وهى من حصيلة عملهم بالخارج، جمال أثناء عمله فى بنك أوف أمريكا، ومكتب الاستشارات المالية، وأيضًا بالنسبة لعلاء من خلال الاستشارة المالية مع مستثمرين فى الإمارات والسعودية.
- س: ما ظروف تعيين نجلك جمال ممثلاً للبنك المركزى لدى مجلس إدارة البنك العربى الأفريقى؟
ج: جمال كون خبرة أثناء عمله فى بنك «أوف» أمريكا وفى الاستشارات المالية، وعندما عاد إلى مصر تهافت على طلبه عدة جهات مصرفية، وهو وافق على أن يكون ممثلاً للبنك المركزى، وتم تعيينه بسبب خبرته ومؤهلاته.
- س: هل قمت بدور فى ذلك التعيين؟
ج: لا.. وأنا لم أتدخل فى أى شىء يتعلق بأولادى، وأترك الحرية لهم.
- س: وهل كانت تتوافر فيه الشروط والمؤهلات والخبرة اللازمة لشغل هذا المنصب؟
ج: اللى أعرفه إنه فيه هذه المؤهلات.
- س: هل لديك علم بمن كان يمثل البنك المركزى قبل تعيينه ممثلاً للبنك؟
ج: معرفش ومش فاكر.
- س: من كان محافظ البنك المركزى آنذاك؟
ج: مش فاكر.
- س: ما معلوماتك عن شراء ديون مصر الخارجية؟
ج: أيام تولى الدكتور عاطف صدقى رئاسة مجلس الوزراء كان نجلى جمال عمل فى بنك «أوف» أمريكا وعلم من خلال شغله أن أحد الأشخاص قام بشراء سند دين على مصر لإحدى الدول فى إنجلترا تقريبًا بمبلغ يقل عن مبلغ الدين بحوالى 50% تقريبًا وأنه فى سبيله للعودة إلى مصر وإقامة دعوى ليحكم له بسداد كامل الدين فأخطرنى بالتليفون، فطلبت منه التحدث إلى الدكتور عاطف صدقى وإبلاغه بالأمر، وعلى ما أذكر فى ذلك الوقت صدر قانون أو لائحة أو وضع شرط فى سند الدين يمنع هذا الأجر، لأن إحنا كدولة فى ذلك الوقت كنا نستبدل ديون مصر بمشروعات، وهذا كل ما أذكره عن هذا الموضوع.
- س: كيف كان يتم طرح هذه الديون داخليّا وخارجيّا؟
ج: مش متذكر التفاصيل.
- س: هل ساهم أى من أفراد أسرتك فى شراء الديون؟
ج: لا، لأن المبالغ دى كانت كبيرة.
- س: هل تذكر المؤسسات المالية التى تعاملت فى هذا الشأن؟
ج: مش متذكر.
- س: ما قولك فيما ورد بالبلاغات المقدمة ضدك بتقرير هيئة الأمن القومى من أن إجمالى ثروتك بلغ 70 مليار دولار بالبنوك السويسرية والبريطانية والأمريكية وأنها تراكمت من المشروعات العسكرية والخدمات الحكومية خلال مدة 30 عامًا وكذا من خلال مشاريع مشتركة بين مستثمرين أجانب وشركاته؟
ج: محصلش، وهذا كلام كاذب.
- س: ما قولك فيما ورد فى البلاغات المقدمة ضدك من أنك قمت بتهريب أموالك عن طريق مجموعة إيكو تريد المصرفية بسويسرا؟
ج: الكلام ده غير صحيح وكاذب.
- س: ما قولك فيما ورد بالبلاغات المقدمة ضدك من أن لك حسابًا مصرفيّا فى بنك باركليز الدولى لصالح المدعو بيتر إسكو مدير مصرف المركزى الخليجى، وأنك فوضت الأخير فى إيداع جميع ودائعك البنكية بمجموعة إيكو تريد المصرفية؟
ج: الكلام ده مش صحيح، ولا أعرف هذا الشخص، وماليش حسابات بره.
- س: وقد أضافت البلاغات أنك قمت بتحويل مبلغ مالى قدره 50 مليار جنيه مصرى بأسماء مستعارة بتاريخ 25 يناير 2011؟
ج: الكلام ده غير صحيح ومحصلش.
- س: وما قولك وقد أضافت البلاغات امتلاكك ثروة عقارية تقدر بـ 3.5 مليار جنيه نظير استغلال نفوذك؟
ج: الكلام ده غير صحيح، ومضحك.
- س: وما قولك وقد أضافت البلاغات أنك وأفراد أسرتك لكم حسابات وإيداعات بالبنوك السويسرية وقصور وعقارات فى منهاتن وبيفرلى هيلز بلندن وباريس ومدريد ودبى وواشنطن ونيويورك وفرانكفورت؟
ج: الكلام ده مش صحيح.
محصلش
النفى المتواصل لمبارك على ما ورد فى البلاغات المقدمة ضده وما جاء فى تقارير الأمن القومى ومحاضر تحريات الأموال العامة دفعت المحقق إلى التوقف قليلاً والاستعداد لغلق المحضر عبر توجيه عدة أسئلة سريعة كان القاسم المشترك فى إجابة مبارك عنها «محصلش».. فسأله المحقق: أنت متهم بالاشتراك بطريق التحريض فى قتل بعض المتظاهرين سلميّا المقترن بقتل والشروع فى قتل آخرين منهم. فرد مبارك محصلش.. فسأله: ثانيًا: أنت متهم بصفتك موظفًا عامّا - رئيس الجمهورية - حصلت لنفسك وللغير بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفتك. فرد مبارك «محصلش».. فسأله المحقق للمرة الثالثة: أنت متهم بصفتك رئيسًا سابقًا للجمهورية بالاستيلاء بغير حق على ممتلكات تابعة لهيئات عامة. فرد مبارك «محصلش».. فسأله المحقق للمرة الرابعة: أنت متهم بقبول وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفتك للإخلال بواجباتك واستعمال نفوذك. فرد مبارك: «محصلش».
عندما بكى مبارك
سرعة توجيه المحقق الأسئلة لمبارك وكأنها سهام يطلقها على مبارك، جعلت الرئيس المخلوع يصاب بالإرهاق والتعب، والبكاء، خاصة أنه لا يمتلك دلائل أو وثائق أو شاهد نفى، لا يمتلك سوى كلمة «محصلش».. البكاء المتواصل لمبارك دفع المحقق إلى إيقاف التحقيقات لمدة نصف ساعة، حتى استقرت حالته الصحية، وما أن بدأ المحقق استكمال التحقيق بسؤال: أنت متهم بصفتك رئيس جمهورية سابق بالتعمد فى إجراء مفاوضات ضد مصلحة البلاد مع حكومة أجنبية... دخل مبارك فى نوبة بكاء مرة أخرى، وفى ذلك الوقت نظر المحقق مصطفى سليمان إلى سكرتير التحقيق عمرو عبدالحافظ فى إشارة لإغلاق محضر التحقيق، واستعد سكرتير التحقيق بناء على ذلك، وبدأ فى جمع الأوراق، إلا أن المحقق توقف، ووجه نظرة مرة أخيرة إلى مبارك الراقد على السرير وسأله السؤال الأخير: هل تريد الإدلاء بأى شىء؟ فرد مبارك بصوت منخفض يعكس الانكسار الداخلى: «أرجو الإفراج عنى مراعاة لظروفى الصحية، وكبر سنى، وعدم وجود أى دليل ضدى».
لم يلتفت المحقق إلى ذلك الطلب، وأعاد نظره إلى سكرتير الجلسة عمرو عبدالحافظ قائلاً: سجل يا عمرو.. قررنا نحن مصطفى سليمان رئيس الاستئناف القائم بعمل المحامى العام الأول لنيابة استئناف القاهرة استمرار حبس المتهم محمد حسنى مبارك 15 يومًا احتياطيّا على ذمة التحقيقات، ويراعى التجديد فى الميعاد المناسب، وبينما يسجل السكرتير القرار كان مبارك قد ازدادت عنده حالة البكاء المستمر بصوتٍ عالٍ استدعت تأجيل المحقق غلق المحضر لحين استدعاء الأطباء المعالجين له وإثباتها فى محضر الجلسة، ليخرج من الغرفة تاركًا مبارك بين يد الأطباء المعالجين فى محاولة لإعطائه أى عقار منوم لإنهاء حالة البكاء المستمرة الناتجة عن سوء الحالة النفسية والمتزامنة مع ارتفاع ضغط الدم.
فى هذا اليوم الموافق 10 مايو 2011 انتهت فعليّا التحقيقات مع الرئيس السابق وبعدها بـ 13 يومًا، وتحديدًا يوم 23 مايو، بدأ المستشار مصطفى سليمان إجراءات التصرف فى القضية، وفى صباح اليوم التالى أصدر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بيانًا صحفيّا بإحالة مبارك للمحاكمة الجنائية لاتهامه بالقتل العمد للمتظاهرين خلال ثورة 25 يناير، والفساد المالى والرشوة، واستغلال النفوذ والإضرار العمدى بأموال الدولة، والحصول على منافع وأرباح مالية لهم ولغيرهم.